تجددت التوترات في ريف عفرين شمال غربي سوريا، عقب منع مزارعين من جني محصول الزيتون في عدد من القرى الواقعة تحت سيطرة فصائل من «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، وفق ما أفادت مصادر محلية معارضة للسلطة الحالية.
وذكرت المصادر أن عناصر محسوبة على المكتب الاقتصادي التابع لـ«فرقة المعتصم»، المنتشرة في ناحية بلبل شمال عفرين، أقامت حواجز ونقاط مراقبة حول بساتين الزيتون في قرية خلالكا، ومنعت عدداً من الأهالي العائدين حديثاً من دخول أراضيهم، مع اقتراب موسم القطاف.
وأضافت المصادر أن بعض العناصر نصبوا خيماً مؤقتة للحراسة داخل الأراضي الزراعية بهدف “حماية الأملاك”، إلا أن المزارعين أكدوا أن الهدف الحقيقي هو السيطرة على المحصول وبيعه لمصلحتهم الخاصة، بحسب روايتهم.
وتحدث أحد المزارعين عن خسائر كبيرة لحقت بالأهالي الذين يعتمدون على الزيتون كمصدر رزق رئيسي، موضحاً أن “العائلات التي عادت إلى القرية بعد غياب سنوات، فوجئت بحرمانها من جني تعب عامٍ كامل”.
وفي حادثة أخرى، أشارت مصادر محلية إلى أن قياديين سابقين في فصيل «لواء النخبة» استوليا على منزل وعدة بساتين في قرية حسنديرا بريف عفرين، وقاما بجني المحصول بمساعدة عشرات العمال، تحت حماية عناصر مسلحة من فصائل قريبة من الجيش الوطني.
كما تحدثت تقارير من ناشطين في المنطقة عن وقائع مماثلة في قرية سيخوتكا التابعة لناحية معبطلي، حيث جرى جمع المحاصيل من قبل مجموعات مسلحة ونقلها إلى مستودعات خاصة، دون السماح لأصحاب الأراضي بالمشاركة أو الاعتراض.
مصادر معارضة ربطت ما يجري بما وصفته بـ“سياسة اقتصادية موازية” تعتمدها بعض الفصائل في المنطقة، وتقوم على فرض رسوم أو اقتطاعات من المحاصيل الزراعية بزعم “دعم الجبهات”، معتبرة أن هذه الممارسات “تعمّق معاناة السكان وتؤدي إلى مزيد من النزوح”.
في المقابل، نقلت صفحات مقربة من الجيش الوطني رواية مختلفة، أكدت فيها أن الإجراءات المتخذة تهدف إلى “منع الفوضى وحماية الممتلكات” في ظل غياب وثائق الملكية أو وجود خلافات بين السكان حول حقوق التصرف بالأراضي، مشيرة إلى أن بعض القرى شهدت حالات تعدٍّ على أراضٍ غُيّر ملاكها خلال سنوات الحرب.
ويرى مراقبون أن تكرار هذه الحوادث، التي تتزامن مع موسم الزيتون، يثير تساؤلات حول مستقبل النشاط الزراعي في منطقة تعدّ من أغزر المناطق إنتاجاً للزيت والزيتون في سوريا، وسط مخاوف من تحوّلها إلى ساحة نزاع اقتصادي بعد أن كانت سلة غذاء لكثير من العائلات.
ويطالب الأهالي في عفرين، عبر وجهاء محليين، بإنشاء لجنة مدنية مستقلة تشرف على عمليات الحصاد وتوثيق الملكيات الزراعية، منعاً لتكرار حوادث السلب أو النزاع على المحاصيل، وضماناً لعودة المزارعين إلى أراضيهم بسلام.