الهروب الكبير من إسرائيل.. موجة هجرة غير مسبوقة منذ حرب غزة

2025.10.20 - 01:16
Facebook Share
طباعة

تواجه إسرائيل ظاهرة وصفتها أوساط سياسية وأمنية بأنها “تسونامي اجتماعي”، بعد أن كشفت بيانات رسمية عن تصاعد غير مسبوق في معدلات الهجرة من البلاد، لتصل إلى مستويات تهدد التركيبة السكانية والمجتمعية للدولة العبرية.

فوفقًا لتقرير صادر عن مركز البحث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي، فإن ما بين عامي 2020 و2024 غادر أكثر من 145,900 إسرائيلي البلاد أكثر مما عاد إليها، وهو ما اعتبره نواب في الكنيست “تهديدًا استراتيجيًا لبقاء إسرائيل كدولة جاذبة لليهود حول العالم”.

موجة مغادرة غير مسبوقة منذ حرب غزة

التقرير، الذي أعدّ تمهيدًا لجلسة لجنة الهجرة والاستيعاب في الكنيست اليوم، أظهر أن عام 2023 شهد قفزة بنسبة 39% في أعداد المغادرين مقارنة بالعام السابق، لتبلغ 82,800 مغادر، مع ارتفاع حاد في شهر أكتوبر تحديدًا، تزامنًا مع اندلاع الحرب في غزة.
وفي عام 2024، واصلت الأرقام مسارها التصاعدي، حيث بلغ عدد المغادرين حتى أغسطس نحو 50 ألفًا، فيما لم يتجاوز عدد العائدين إلى البلاد 12,100 شخص فقط، وهو ما يعكس اتساع الفجوة بين المغادرين والعائدين إلى مستويات غير مسبوقة.

تل أبيب تتصدر المدن المغادرة

وبحسب تصنيف المدن، احتلت تل أبيب المرتبة الأولى بنسبة 14% من إجمالي المغادرين، تلتها حيفا (7.7%) ونتانيا (6.9%) والقدس (6.3%)، فيما سجلت مدن مثل هرتسليا وأشكلون وبئر السبع أدنى نسب هجرة.
أما من حيث الفئات العمرية، فقد تصدر الفئة من 30 إلى 49 عامًا القائمة، وهي الشريحة الأكثر إنتاجًا في المجتمع، ما يشير إلى تراجع ثقة الطبقة الوسطى في مستقبل الدولة. كما أن نحو 22 ألف طفل وشاب دون سن الـ19 غادروا مع عائلاتهم، ما يعكس هجرة أسرية كاملة وليست فردية.

اتهامات للحكومة وقلق من انهيار البنية الاجتماعية

رئيس لجنة الهجرة والاستيعاب في الكنيست، جلعاد كريب، وصف الأرقام بأنها “تسونامي ديمغرافي”، محذرًا من أن استمرارها “سيقوض القوة المجتمعية لإسرائيل”.
وقال كريب: “لم تعد هذه مجرد موجة نزوح، بل ظاهرة تهدد جوهر المشروع الصهيوني ذاته. كثير من الإسرائيليين يختارون بناء مستقبلهم في الخارج لأنهم فقدوا الإيمان بقدرة الحكومة على تأمين الاستقرار والعدالة”.
وأضاف أن الحكومة “تتحمل مسؤولية مباشرة عن هذا الانهيار بسبب سياساتها الداخلية التي أضعفت مؤسسات الدولة وأشعلت الانقسام بين المتدينين والعلمانيين، فضلاً عن عجزها عن معالجة التداعيات الاقتصادية للحرب”.

تهديد استراتيجي وتراجع في الجاذبية العالمية

يرى باحثون أن تصاعد الهجرة الإسرائيلية يمثل مؤشراً على أزمة داخلية عميقة، تتجاوز البعد الاقتصادي إلى ما هو سياسي وقيمي. فبعد عقود من تسويق إسرائيل كـ“واحة للتكنولوجيا والديمقراطية في الشرق الأوسط”، تكشف الأرقام الحديثة عن تآكل هذا النموذج في ظل تصاعد العنف الداخلي، واحتدام الصراع بين التيارات الدينية والعلمانية، وارتفاع تكاليف المعيشة، وامتداد الحرب في غزة دون أفق سياسي.

ويحذر محللون من أن استمرار هذا الاتجاه قد ينعكس على قدرة الجيش الإسرائيلي على التجنيد، وعلى مكانة إسرائيل في جذب الكفاءات اليهودية من الخارج، إذ باتت بلدان مثل كندا وألمانيا والولايات المتحدة وجهات مفضلة للهجرة الإسرائيلية الجديدة.

 

أزمة هوية تهدد مشروع الدولة

تسلط هذه المعطيات الضوء على أزمة هوية متفاقمة داخل إسرائيل، بين واقع دولة تعيش على تعبئة دائمة وبين مجتمع بدأ يتعب من “الحرب الدائمة”. ومع غياب رؤية سياسية موحدة، واستمرار الحرب على غزة، وتآكل الثقة بالمؤسسات، تبدو إسرائيل اليوم أمام خطر حقيقي يتمثل في تفككها الداخلي قبل أي تهديد خارجي.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4