تحركات أنقرة في سوريا: بين التسوية العسكرية والأمنية

2025.10.19 - 06:00
Facebook Share
طباعة

مع تصاعد التوترات في شمال شرق سوريا، برزت اتفاقية جديدة بين تركيا وسوريا تسمح لأنقرة بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية داخل الأراضي السورية، ما يعيد ترتيب الخريطة الأمنية والسياسية في المنطقة ويثير تساؤلات حول مستقبل التسوية مع الأكراد ودور دمشق في ضبط الأوضاع على الحدود.


دور تركي موسع في شمال وشرق سوريا:

بموجب الاتفاقية الجديدة، ستتمكن تركيا من تنفيذ عمليات جوية وبرية داخل الأراضي السورية بعمق يصل إلى ثلاثين كيلومتراً على طول الشريط الحدودي.
هذا التمديد يعزز دور أنقرة في إدارة ملف شمال وشرق سوريا الذي تسيطر عليه "قسد" ووحدات حزب العمال الكردستاني.

في الأشهر الماضية، رُجّحت احتمالية تراجع التدخل التركي المباشر نتيجة اعتبارات داخلية تتعلق بعملية "تركيا خالية من الإرهاب"، التي انطلقت بعد إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلقاء السلاح. مع ذلك، يبدو أن تركيا، بالتنسيق مع دمشق، تهيئ الأرضية لتحركات جديدة ومدروسة، مع الحفاظ على مسار التسوية مع الوحدات الكردية الموالية للدولة السورية.

استحضار المقاربة التركية في العراق:

تشير الخطوات التركية الأخيرة إلى تكرار التجربة الأمنية نفسها التي طبقتها أنقرة في العراق صيف 2024، حيث أتاح الاتفاق الأمني مع بغداد توسيع نطاق العمليات شمال العراق وصولاً إلى دهوك للضغط على معاقل حزب العمال الكردستاني.

كما اعتمدت أنقرة على التنسيق مع حكومة إقليم كردستان بزعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني، ما ساهم في تفكيك الضغوط الإقليمية المفروضة من حزب العمال الكردستاني بالتنسيق مع إيران. من المرجح أن تدعم تركيا انتشار "البيشمركة السورية" على الحدود لتعزيز دورها الأمني والسياسي في المنطقة.

بيشمركة سورية ودمشق:

تشكّلت "البيشمركة السورية" عام 2012، ويضم عناصر وضباطاً انشقوا عن النظام السوري، وتحظى بدعم حكومة إقليم كردستان ومن المحتمل أن يحظى انتشارها على الحدود السورية التركية بدعم دمشق، وإقليم كردستان، والولايات المتحدة، التي ستحتفظ بقاعدة في أربيل لمتابعة عمليات مكافحة الإرهاب.

رسائل دمشق الأخيرة إلى "المجلس الوطني الكردي" دفعت التيار المرتبط بحزب العمال الكردستاني إلى ممارسة ضغوط على المجلس واعتداءات محدودة لمنع التفاوض، ما يعكس صعوبة التوافق بين دمشق و"قسد" ويشير إلى أن جميع الخيارات قد تبقى مطروحة في ظل انسداد الأفق السياسي.

التحديات المقبلة:

يرى مراقبون أن التيار المرتبط بحزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا يعيق تنفيذ التفاهمات بين دمشق و"قسد"، وهو ما يفسر التضارب في التصريحات بين قيادات "قسد" و"وحدات الحماية الكردية" هذا الوضع يعزز احتمالات استمرار التحركات التركية بشكل محدود ودقيق، مع التركيز على وحدات كردية غير ملتزمة بالاتفاقات السابقة، بما يتيح لتركيا الحفاظ على نفوذها دون الإضرار بالمسار العام للتسوية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 4