في ظل استمرار الأزمة السياسية في ليبيا، عبّر سبعون نائباً في مجلس النواب عن قلقهم من تجزئة ملف المناصب السيادية، داعين إلى تعيين جميع المناصب التنفيذية والرقابية دفعة واحدة لضمان استقرار الدولة ومنع مزيد من الانقسام السياسي، هذه الدعوة تأتي وسط تراجع الثقة بين المجلسين الليبيين والمجتمع الدولي بشأن التقدم في خريطة الطريق الأممية.
موقف النواب وأهمية التوافق:
أكد النواب في بيان نشر صباح اليوم الأحد، عن ضرورة تشكيل لجنة خاصة لتلقي ملفات المرشحين للمناصب السيادية بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة، على أن تُجرى التعيينات دفعة واحدة. وأشاروا إلى أن أي معالجة جزئية لن تحقق الاستقرار السياسي، وأن توحيد السلطة التنفيذية يمثل خطوة أساسية لإنهاء حالة الانقسام التي تعاني منها البلاد منذ سنوات.
وشدد البيان على الالتزام باتفاق بوزنيقة الموقّع عام 2021، والذي ينص على توزيع المناصب السيادية بين الأقاليم الثلاثة: غرب ليبيا وشرقها وجنوبها. وتشمل هذه المناصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات وأعضائها، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.
تحركات الأمم المتحدة وإحاطتها لمجلس الأمن:
سبق هذه الدعوة إحاطة قدمتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه أمام مجلس الأمن، حيث شددت على أن الوضع السياسي في ليبيا لم يعد يحتمل التسويف، وأن مجلس الأمن قد يدعم "نهجاً آخر" لدفع خريطة الطريق قدماً. وأوضحت أن المجلسين لم يتمكنا من التوافق بشأن إعادة تشكيل مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مع استمرار النقاش حول "تغيير جميع أعضاء المجلس" أو الاكتفاء "بملء الشواغر".
أعلنت تيتيه في أغسطس/آب الماضي عن خريطة طريق من ثلاث مراحل تبدأ بإعادة تشكيل مجلس المفوضية، ثم توحيد مؤسسات الدولة عبر حكومة موحدة، وصولاً إلى مرحلة حوار وطني موسّع تمهيداً لإجراء انتخابات شاملة خلال 12 إلى 18 شهراً.
دمج المفوضية ضمن ملف المناصب السيادية:
على الرغم من بدء المشاورات بين المجلسين، تم إدراج مسألة تشكيل مجلس المفوضية ضمن ملف المناصب السيادية، ما يثير تساؤلات حول إمكانية عرقلة المرحلة الأولى من خريطة الطريق ولم تسفر المدة المحددة لاتفاقية الأسبوعين عن خطوات ملموسة، مما ألقى الضوء على التحديات المستمرة في تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة الأممية.
المواقف المتباينة للسلطات الليبية:
رحب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بإحاطة تيتيه، مؤكداً الالتزام بالتنسيق مع الأمم المتحدة، ومشدداً على أن الاستقرار والتنسيق الأمني شرط أساسي للتقدم في المسار السياسي.
في المقابل، صعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، لهجته ضد البعثة الأممية، معتبراً تدخلها في تشكيل مجلس المفوضية تجاوزاً للحدود، بينما دعا خليفة حفتر إلى صياغة خارطة طريق ليبية محلية تعتمد على الشرعية الوطنية.
توضح التطورات الحالية حجم الانقسام السياسي المستمر بين المؤسسات الليبية، رغم جهود البعثة الأممية توسيع نطاق التعيينات لتشمل جميع المناصب السيادية دفعة واحدة قد يكون خطوة لتجاوز الجمود السياسي وإعادة توحيد السلطة التنفيذية، إلا أن المواقف المتباينة بين الأطراف المحلية والدولية تمثل عقبة كبيرة أمام التنفيذ، استمرار هذا الانقسام يهدد فاعلية خريطة الطريق ويؤجل الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، ما يجعل الخطوة القادمة للمجلسين الليبيين حاسمة في تحديد مستقبل العملية السياسية.