تشهد المنطقة المحيطة بقطاع غزة تحركات ميدانية وسياسية متسارعة مع إعلان القناة 13 الإسرائيلية عن إقامة مركز قيادة أميركي في “غلاف غزة”، بالتزامن مع استعداد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف لزيارة المنطقة، في إطار متابعة تنفيذ اتفاق وقف الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الذي دخل مرحلته الثانية وسط تعقيدات ميدانية وسياسية متزايدة.
مركز قيادة بإشراف أميركي
ذكرت القناة الإسرائيلية أن ضباطًا أميركيين سيقيمون مركز قيادة في محيط قطاع غزة، بهدف إدارة طاقم دولي مكلف بالبحث عن جثامين الأسرى الإسرائيليين الذين يُعتقد أنهم ما زالوا داخل القطاع.
ووفق التقارير، وصل نحو 200 جندي أميركي لإقامة هذا المركز الذي سيُكلّف أيضًا بمتابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ورصد أي انتهاكات من الطرفين.
وسيضم المركز ممثلين عن دول شريكة وهيئات دولية ومنظمات إنسانية، على أن يتواجد بعضهم ميدانيًا داخل غزة لتنسيق عمل قوة الاستقرار الدولية المنتظر نشرها قريبًا، إضافة إلى دعم الجهود الإنسانية والإغاثية في القطاع.
اتفاق هش ومراحل معقدة
دخل اتفاق وقف الحرب في غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، متضمنًا تبادل أسرى ووقفًا تدريجيًا للعمليات العسكرية.
وفي مرحلته الأولى، أفرجت حركة حماس عن 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء وعدد من الجثث، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي أسير فلسطيني، مع تنفيذ انسحاب جزئي إلى ما سُمّي بـ"الخط الأصفر" على حدود القطاع.
لكنّ المرحلة الثانية، التي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن بدئها، تواجه عراقيل جدية، أبرزها الخلاف حول إدارة القطاع وملف نزع سلاح حماس، وهو ما يهدد بتجميد التقدم في تنفيذ الاتفاق.
تحركات دبلوماسية مكثفة
نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أن فانس وويتكوف سيصلان إلى إسرائيل الأسبوع المقبل، في زيارة تهدف إلى دعم خطة ترامب ومتابعة آليات تنفيذها.
كما ذكرت مصادر لموقع أكسيوس أن المبعوث الأميركي سيتوجه إلى المنطقة يوم الأحد، على أن تشمل جولته مصر وإسرائيل وربما غزة، لمتابعة مباحثات إنشاء قوة استقرار دولية تشرف على تطبيق بنود الاتفاق.
ورغم تصاعد الحديث عن وجود ميداني أميركي في القطاع، استبعدت واشنطن رسميًا نشر قواتها داخله، مؤكدة أن دورها سيقتصر على الدعم اللوجستي والتنسيق السياسي.
عمليات البحث في خان يونس
على الأرض، تتواصل في خان يونس عمليات الحفر بحثًا عن جثامين الأسرى الإسرائيليين تحت أنقاض المناطق التي تعرضت لقصف مكثف خلال الحرب.
وتقول حماس إن عملية استخراج الجثث “تستغرق وقتًا طويلًا” بسبب تدمير الأنفاق التي دُفن فيها بعضهم، إضافة إلى نقص المعدات الثقيلة نتيجة استمرار القيود الإسرائيلية على إدخال المعدات والوقود.
وأعلنت إسرائيل، عبر مكتب رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، تسلّم جثة الأسير إلياهو مرغليت من الصليب الأحمر، مشيرة إلى أن الحركة لا تزال تحتجز ما لا يقل عن 18 جثة أخرى.
موقف حماس
وفي بيان لها، دعت حركة حماس الوسطاء إلى استكمال تنفيذ بنود الاتفاق، خصوصًا ما يتعلق بإدخال المساعدات وفتح معبر رفح وبدء إعادة الإعمار بشكل عاجل.
وأكدت الحركة ضرورة تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي التي تضم مستقلين لإدارة القطاع، واستكمال انسحاب القوات الإسرائيلية من المواقع المتفق عليها.
كما شددت على ضرورة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب ومواصلة الجهود لعزل إسرائيل على المستويين الدولي والسياسي.
إقامة مركز قيادة أميركي في محيط غزة تمثل خطوة إضافية نحو تدويل ملف الحرب، وتكشف رغبة واشنطن في فرض ترتيبات ميدانية تضمن لها دورًا مباشرًا في مرحلة ما بعد الحرب.
لكن بقاء الملفات الحساسة، مثل نزع سلاح المقاومة وإدارة القطاع، دون حسم، يجعل من الهدنة الحالية هشة وقابلة للانهيار في أي لحظة، خصوصًا في ظل انعدام الثقة المتبادل بين تل أبيب وحماس، وتباين المواقف الإقليمية والدولية بشأن مستقبل غزة.