مرحلة جديدة من التواصل اللبناني السوري تعيد رسم ملامح العلاقة بين البلدين

2025.10.16 - 05:30
Facebook Share
طباعة

تفتح الزيارتان المتتاليتان لوزيري الخارجية والعدل السوريين، أسعد الشيباني ومظهر الويس، إلى بيروت صفحة جديدة في مسار العلاقات اللبنانية السورية، بعد سنوات من الانقطاع والتباعد السياسي، وتأتي هذه الخطوات في سياق الانفتاح المتدرّج الذي تشهده المنطقة، وسط توجه مشترك لتعزيز التعاون في الملفات القضائية والإنسانية والإدارية.

خطوات عملية للتقارب:

الزيارتان الأخيرتان شكّلتا تطورًا لافتًا في مسار التنسيق بين البلدين، إذ حملت زيارة وزير الخارجية السوري مؤشرات على رغبة دمشق في إعادة بناء العلاقات على أسس مؤسساتية قائمة على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل للسيادة. وجاءت زيارة وزير العدل بعد أيام قليلة لترجمة هذا التوجّه عبر اتفاق قضائي يتناول تسليم المطلوبين والسجناء بين البلدين، مع استثناء القضايا التي تتصل بجرائم قتل أو اعتداء على الجيش اللبناني.

تعاون مؤسساتي بعد قطيعة طويلة:

يُعد الاتفاق القضائي أحد أبرز مؤشرات عودة العلاقات إلى مسار التعاون الرسمي، حيث يشير إلى انتقال التواصل من القنوات السياسية إلى الأطر القانونية والإدارية ويُنظر إلى هذا التوجه بوصفه خطوة نحو تعزيز الثقة المتبادلة، وتفعيل الشراكة في ملفات حساسة تمس حياة المواطنين في البلدين.

مقاربة واقعية من الجانبين:

الحكومة اللبنانية تتعامل مع هذا الانفتاح وفق مقاربة واقعية، إذ تسعى إلى توظيف التعاون بما يخدم المصلحة الوطنية ويحافظ على التوازن الداخلي. أما دمشق، فتبدي استعدادًا للتعاون في الملفات ذات الطابع الإبما ينسجم مع التغيرات الإقليمية والدولية الراهنة، التي تفرض على البلدين تنسيقًا أكبر لمواجهة التحديات المشتركة.

تعاون تدريجي وفق الأولويات:

تُظهر المؤشرات أن التعاون الحالي بين لبنان وسوريا يتجه ليكون تدريجيًا، يبدأ من الملفات التقنية والإنسانية وصولًا إلى الملفات السياسية والاقتصادية الأوسع، فملف الموقوفين والمفقودين والتعاون القضائي يشكلان قاعدة أولى لتطوير العلاقات، على أن يتم الانتقال لاحقًا إلى معالجة القضايا الاقتصادية وإدارة الحدود المشتركة وتسهيل حركة التجارة.

مرحلة جديدة من الحوار:

في هذا السياق، يرى مراقبون أن العلاقات بين البلدين تشهد عودة تدريجية إلى الحوار المنتظم، بعيدًا عن التوترات السابقة، وبما يعكس رغبة الجانبين في بناء جسور ثقة متبادلة. ويعتبر هذا التوجه استجابة طبيعية للتطورات الداخلية في البلدين، وللمتغيرات الإقليمية التي تدفع باتجاه الانفتاح والتعاون.


من الواضح أن العلاقات اللبنانية السورية تدخل مرحلة مختلفة، تتسم بالحذر الإيجابي والانفتاح المتدرّج، في محاولة لإرساء أسس تعاون مستدام يخدم مصالح الشعبين ويعزز استقرار المنطقة وبين خطوات التقارب الواقعية وتحديات الماضي، يبدو أن البلدين يسعيان لتأسيس علاقة جديدة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ما قد يشكل بداية مسار أكثر توازنًا في العلاقات بين بيروت ودمشق. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 9