منذ مطلع عام 2025، تصاعدت وتيرة خروج العائلات من مخيمي الهول وروج في شمال شرق سوريا، ما شكّل تحولًا في التعاطي مع واحد من أكثر الملفات حساسية على الصعيدين الأمني والإنساني.
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق مغادرة 2733 عائلة تضم 7221 شخصاً، معظمهم من سوريا والعراق، إضافة إلى عشرات الأجانب من النمسا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وتنزانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل.
ورغم أن هذه التحركات تُعرض بوصفها خطوات نحو تفكيك المخيمات، فإنها تكشف في الوقت نفسه هشاشة التوازن بين الأمن المحلي وضغوط المجتمع الدولي لإغلاق الملف.
تنسيق دولي معقّد:
تتم عمليات الإعادة والتسليم بتنسيق بين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ودول الرعايا، وبإشراف مباشر من التحالف الدولي.
وقد شملت هذه العملية مراحل متعددة، تراوحت بين تسليم عوائل تحمل جنسيات أوروبية وأفريقية، وبين ترحيل نازحين سوريين وعراقيين إلى مناطقهم الأصلية.
هذا التنسيق يعكس شبكة مصالح معقدة؛ فبينما تسعى الإدارة الذاتية لإثبات قدرتها على إدارة الملف، تحاول العواصم الغربية التخفيف من عبء عودة المتورطين أو أقاربهم إلى أراضيها، عبر ترتيبات محدودة ومشروطة.
أولوية الأمن مقابل الضغوط الإنسانية:
في الميدان، لا تقتصر التحركات على إعادة العائلات فقط، بل تترافق مع حملات أمنية مكثفة نفذتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي.
خلال الأشهر الماضية، أُحبطت محاولات فرار عديدة من المخيم، واعتُقل ما لا يقل عن 11 شخصًا يُشتبه في انتمائهم لخلايا “تنظيم الدولة”.
هذه التطورات تسلط الضوء على استمرار التحدي الأمني داخل المخيم، حيث ما زالت الخلايا النائمة تنشط في التجنيد والتهريب، مستغلة الفوضى وتداخل السلطات.
مصير غامض بعد التحولات السياسية:
بعد سقوط النظام السابق في سوريا وتشكيل الحكومة الانتقالية، أصبح ملف المخيمات في مهب تجاذب سياسي جديد.
الإدارة الذاتية أعلنت في كانون الثاني/يناير عن فتح باب العودة الطوعية للعائلات السورية، لكن التساؤلات لا تزال قائمة حول الجهة التي ستتولى رسميًا إدارة الملف في المرحلة المقبلة.
هذا الغموض يفتح الباب أمام احتمالات متعددة، أبرزها صراع الصلاحيات بين الإدارة الذاتية والحكومة الانتقالية، في ظل استمرار الاهتمام الدولي بالملف بوصفه بؤرة تهدد الاستقرار الإقليمي.
مع تزايد الضغوط لإنهاء وجود مخيم الهول، يبقى المشهد موزعاً بين الضرورات الأمنية والمخاوف الإنسانية.
التحركات الجارية، رغم أهميتها، لا تعني نهاية الأزمة، بل انتقالها إلى مرحلة جديدة تتطلب توافقًا سياسيًا وإطارًا قانونيًا واضحًا لمعالجة ملفات آلاف النساء والأطفال الذين لا يزال مصيرهم مجهولًا.