السيسي يعيد ضبط ميزان العدالة: البرلمان يعدّل "مادة دخول الطوارئ" حمايةً لحرمة المنازل

2025.10.16 - 01:30
Facebook Share
طباعة

في خطوة تعكس توازنًا دقيقًا بين متطلبات الأمن وحماية الحقوق الدستورية، وافق مجلس النواب المصري على تعديل المادة (48) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والمعروفة إعلاميًا بـ"مادة دخول الطوارئ"، وذلك استجابة لاعتراض الرئيس عبد الفتاح السيسي على الصياغة السابقة التي أثارت جدلًا واسعًا بشأن مدى مساسها بحرمة المساكن.

التعديل الجديد جاء ليعيد تعريف حدود تدخل رجال السلطة العامة في الحالات الاستثنائية، محددًا إياها بوضوح بأنها حالات استغاثة أو خطر داهم كالحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، بما يمنع أي تأويلات فضفاضة قد تُستخدم لتبرير انتهاك خصوصية المواطنين تحت ذريعة الطوارئ.

اللجنة التشريعية بالبرلمان أوضحت في تقريرها أن الهدف من إعادة الصياغة هو سد الثغرات القانونية وتفادي التفسيرات المتعددة، بما يضمن أداء رجال الأمن لواجبهم في حماية الأرواح والممتلكات دون تجاوز للحدود التي رسمها الدستور.

ويأتي هذا التعديل تطبيقًا لأحكام المادة (123) من الدستور، التي تلزم البرلمان بإعادة النظر في أي قانون يعترض عليه رئيس الجمهورية. الاعتراضات الرئاسية شملت أيضًا نقاطًا تتعلق بـتعزيز ضمانات حرمة المسكن، وحقوق المتهم، وبدائل الحبس الاحتياطي، وصياغة المواد الإجرائية بما يحقق دقة التطبيق وعدالته.

استجابة البرلمان السريعة تعكس ديناميكية غير معتادة في التفاعل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتؤشر إلى توجه جديد نحو ضبط الصياغات القانونية الحساسة قبل صدورها، خصوصًا في القوانين ذات الأثر المباشر على الحريات العامة.

كما يؤكد محللون أن الخطوة تحمل دلالتين سياسيتين أساسيتين:
الأولى، حرص الرئاسة على تأكيد احترامها لمبدأ سيادة القانون وضمانات الحقوق الدستورية، والثانية، رغبة النظام في تحقيق توازن بين مقتضيات الأمن القومي ومتطلبات العدالة الإجرائية في ظل المناخ الإقليمي المتوتر.

البرلمان بدوره شدّد في بيانه على أن هذا التعديل "يجسّد الحوار البنّاء بين مؤسسات الدولة، ويعزز الشراكة بين الرئاسة والنواب في صون كرامة المواطن وحماية المجتمع من الأخطار دون المساس بحرياته الأساسية".

ويُنتظر أن تُحال الصيغة النهائية للقانون إلى مجلس الدولة لمراجعتها قبل اعتمادها رسميًا ونشرها في الجريدة الرسمية، في خطوة قد تُعدّ نموذجًا لكيفية تطوير المنظومة التشريعية المصرية وفق ضوابط دستورية توازن بين الأمن والحرية.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 5