شتاء قارس في سوريا: وارتفاع تكاليف التدفئة
يقترب فصل الشتاء في سوريا هذا العام وسط أوضاع اقتصادية متدهورة وارتفاع جنوني في أسعار وسائل التدفئة، ما يضع الأسر أمام حيرة كبيرة بين تحمل التكاليف أو المجازفة بالصحة والسلامة. في مناطق شمال غربي سوريا، ارتفعت أسعار برميل المازوت من نحو 125 دولاراً في الشتاء الماضي إلى أكثر من 200 دولار حاليًا، مع توقعات بزيادة إضافية إذا ما تصاعدت التوترات الأمنية والسياسية بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية.
ارتفاع أسعار البدائل وتأثيره على الأسر:
الحطب والقشور المستخدمة كبدائل للمازوت شهدت أيضًا ارتفاعًا حادًا، فطن الحطب يصل إلى نحو 200 دولار، بينما تجاوز سعر طن القشور 230 دولارًا، نتيجة للضرائب المفروضة وصعوبة الاستيراد من تركيا وإيران، هذه الزيادة تجعل معظم الأسر غير قادرة على تأمين تدفئة مناسبة، خاصة العائلات الكبيرة التي تضم أكثر من عشرة أفراد.
أزمة في وسائل التدفئة المحلية:
مدافئ القشور المنتجة محليًا أصبحت الحل الأكثر طلبًا، إذ توفر دفء نسبيًا مع كلفة أقل مقارنة بالمازوت والفحم، إلا أن سعرها يتراوح بين 50 و200 دولار حسب التقنية المستخدمة. برغم ذلك، تواجه الأسر الفقيرة صعوبة في شرائها، في وقت تقلصت فيه المساعدات الإنسانية بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية، ولاسيما في المخيمات شمالي حلب وإدلب، حيث يعيش عشرات آلاف النازحين في ظروف تفتقر للحد الأدنى من مقومات البقاء.
المخيمات والمناطق المنكوبة بين الغلاء والعجز:
في المخيمات، يشكو الأهالي من تراجع الدعم الإنساني وارتفاع أسعار الوقود، ما يجعل الشتاء القادم من الأصعب خلال العقد الأخير. في المناطق المنكوبة، مثل قرى إدلب وحلب وحماة وريفَي دمشق وحمص ودير الزور، يجد العائدون أنفسهم في بيوت متضررة، دون أبواب أو نوافذ تمنع البرد، واضطر الكثير منهم للبيع أو الاستدانة لترميم جزئي لمنازلهم.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية:
ارتفاع أسعار التدفئة يزيد من الضغط على الأسر محدودة الدخل ويؤثر على الصحة العامة، خاصة الأطفال وكبار السن. الاعتماد على بدائل خطرة مثل البلاستيك أو الفحم يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض تنفسية، بينما يضع الفقراء أمام خيارات محدودة: تحمل التكاليف المرتفعة أو مواجهة البرد بلا حماية.
الأسعار:
سعر برميل المازوت الشتاء الماضي: 125 دولارًا، حاليًا: 200–215 دولارًا.
طن الحطب: 200 دولار.
طن القشور: 230 دولارًا، مقابل 150 دولارًا في العام الماضي.
تكلفة مدفأة القشور: 50–200 دولار.
مناطق شمال غرب سوريا تستضيف عشرات آلاف النازحين في مخيمات مكتظة.
وفق مقابلات ميدانية لموقع تلفزيون سوريا مع أهالي ومخيمات شمالي سوريا.
الشتاء القادم في سوريا يحمل تحديات مضاعفة للأسر، مع ارتفاع الأسعار وتراجع الدعم الإنساني، بينما تقف الحكومة أمام اختبار قدرة على توفير حلول عملية للتدفئة دون تحميل المواطنين أعباء إضافية. مع استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية، يبقى موسم الشتاء القادم محفوفًا بالصعوبات، ويستلزم تدخلات عاجلة من الجهات المحلية والدولية لتخفيف العبء عن السكان الأكثر ضعفًا.
