الشرع في الكرملين.. دمشق تعيد رسم حدود النفوذ مع موسكو بعد الأسد

زيارة تعيد رسم خرائط النفوذ بين دمشق وموسكو

2025.10.15 - 04:31
Facebook Share
طباعة

في أول زيارة رسمية له إلى موسكو منذ توليه السلطة قبل عام، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الأربعاء إلى الكرملين حيث استقبله نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في لقاء يصفه مراقبون بأنه "أول اختبار فعلي" لطبيعة العلاقات بين دمشق وموسكو بعد سقوط نظام بشار الأسد.

بوتين: مصالح الشعب السوري أولاً

الرئيس الروسي شدد في مستهل اللقاء على "عمق العلاقات التاريخية" بين البلدين، مؤكداً أن مصلحة الشعب السوري كانت الدافع الأساسي للسياسة الروسية تجاه دمشق خلال السنوات الماضية. وأشار بوتين إلى استعداد بلاده لاستئناف عمل اللجنة الحكومية المشتركة وإنجاز مشاريع اقتصادية وتنموية، بما يعيد الحيوية إلى الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين.
كما اعتبر أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة في سوريا تمثل خطوة إيجابية نحو الاستقرار الداخلي وتعزيز التعددية السياسية في البلاد.

الشرع: لا قطيعة مع موسكو.. بل إعادة تعريف للعلاقة

من جانبه، حرص الرئيس السوري أحمد الشرع على طمأنة القيادة الروسية بشأن مستقبل التعاون الثنائي، مؤكداً أن دمشق "تحترم كل الاتفاقيات الموقعة مع موسكو"، وأن روسيا تظل شريكاً أساسياً في إعادة بناء البنية التحتية والطاقة في سوريا.
وقال الشرع إن بلاده "تحاول إعادة تعريف طبيعة العلاقة مع روسيا"، بما يضمن التوازن بين المصالح الوطنية السورية والتزاماتها الدولية، مشيراً إلى أن كثيراً من محطات الطاقة والغذاء في سوريا تعتمد على الدعم الروسي.

قضية الأسد.. بين العدالة والبراغماتية

وفي خلفية هذا التقارب الحذر، تلوح قضية الرئيس السابق بشار الأسد، الذي منحته موسكو اللجوء بعد الإطاحة به العام الماضي. الشرع أكد في تصريحات سابقة أن دمشق ستطالب بمحاسبة الأسد بوسائل قانونية دون الدخول في صراع مكلف مع روسيا، معتبراً أن أي مواجهة مباشرة مع موسكو "لن تكون في مصلحة سوريا".
هذا الموقف يعكس براغماتية الشرع السياسية ورغبته في الفصل بين العدالة الانتقالية ومصالح الدولة العليا، وهو ما قد يشكل قاعدة لتفاهمات جديدة مع الكرملين.

رمزية التوقيت والرسالة السياسية

زيارة الشرع إلى موسكو تأتي في لحظة إقليمية حساسة، وسط تحولات في ميزان القوى في الشرق الأوسط، واستمرار الحضور العسكري الروسي في سوريا عبر قاعدتي حميميم وطرطوس.
ويرى محللون أن اللقاء يحمل رسالة مزدوجة:

من دمشق إلى موسكو، بأن النظام الجديد لا يسعى لقطع الجسور رغم تغيّر القيادة.

ومن موسكو إلى الإقليم، بأن روسيا لا تزال اللاعب الحاسم في المعادلة السورية.

 


يذكر أن الرئيس أحمد الشرع تولى الحكم عقب انتقال السلطة من بشار الأسد إثر اتفاق برعاية أممية، فيما أعلنت دمشق في سبتمبر الماضي مذكرة توقيف غيابية بحق الأسد صادرة عن قاضي التحقيق توفيق العلي، تمهيداً لملاحقته عبر الإنتربول الدولي.

 


اللقاء بين الشرع وبوتين لا يقتصر على إعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية، بل يضع أسس مرحلة جديدة من "التوازن الذكي" بين دمشق وموسكو. فبين الرغبة في التحرر من الإرث السياسي للأسد، والحاجة إلى الغطاء الروسي في الأمن والطاقة والسياسة الدولية، يبدو أن الشرع يسعى إلى صياغة معادلة دقيقة تحفظ استقلال القرار السوري دون استفزاز الكرملين.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10