في تصعيد جديد على الجبهة الجنوبية السورية، شهد ريف القنيطرة صباح اليوم الأربعاء توغلاً عسكرياً إسرائيلياً هو الثاني خلال أسبوع، في وقت تؤكد فيه دمشق أنها لم تقدم على أي خطوة استفزازية تجاه إسرائيل منذ وصول الرئيس أحمد الشرع إلى السلطة.
تحركات إسرائيلية قرب خط فض الاشتباك
ووفقاً لوكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، توغلت قوة إسرائيلية مكوّنة من 11 آلية، بينها دبابتان وآلية ثقيلة من نوع "تركس"، في بلدتي الصمدانية الشرقية وأوفانيا بريف القنيطرة، انطلاقاً من محيط تل كروم جبا.
وأفادت المصادر بأن القوة الإسرائيلية أجرت عمليات تمشيط ومداهمة لعدة منازل في المنطقة، قبل أن تنسحب بعد ساعات باتجاه مدينة القنيطرة المدمّرة، تاركةً وراءها حالة من التوتر بين السكان المحليين الذين تحدث بعضهم عن طرد مزارعين من أراضيهم القريبة من خط التماس.
دمشق: لا نريد الحرب.. لكننا لن نتنازل عن السيادة
الرئيس السوري أحمد الشرع كان قد أكد، قبل أيام، في مقابلة مع برنامج 60 دقيقة على شبكة CBS News الأمريكية، أن بلاده “لا تسعى إلى أي مواجهة”، مشدداً على أن الإدارة الجديدة “لم تستفز إسرائيل منذ اليوم الأول لوصولها إلى دمشق”، وأنها “لا تريد أن تشكل تهديداً لأي دولة أخرى”.
غير أن الشرع وصف استهداف إسرائيل للقصر الرئاسي قبل أسابيع بأنه “إعلان حرب صريح”، مؤكداً في الوقت ذاته أن دمشق “لن تنجر إلى حرب مفتوحة”، ومطالباً تل أبيب بـ“الانسحاب من أي نقطة احتلتها بعد الثامن من ديسمبر 2024”.
انتهاك متكرر لاتفاق فض الاشتباك
من جانبها، أدانت الخارجية السورية التوغل الجديد، واعتبرته “انتهاكاً صارخاً لاتفاق فضّ الاشتباك الموقّع عام 1974، ولقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
ودعت دمشق المجتمع الدولي إلى “اتخاذ موقف حازم” لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، التي وصفتها بأنها “محاولات لإرباك الوضع الداخلي السوري وجرّ البلاد إلى مواجهات غير محسوبة”.
جولات تفاوض عالقة
تأتي هذه التطورات وسط تعثر المسار التفاوضي بين دمشق وتل أبيب، حيث لم تفضِ الجولات الأمنية التي جرت خلال الأشهر الماضية إلى أي تفاهمات حول “ضمانات أمنية متبادلة” أو “ترسيم واضح لمناطق النفوذ في الجنوب السوري”.
وتقول مصادر سياسية مطلعة إن إسرائيل ترفض الاعتراف بشرعية الحكومة السورية الجديدة، فيما تصر دمشق على أن “أي حوار يجب أن ينطلق من مبدأ استعادة السيادة الكاملة على الأراضي المحتلة بعد ديسمبر 2024”.
منذ سقوط النظام السوري السابق في ديسمبر الماضي، كثّفت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل الأراضي السورية، واستهدفت مواقع عسكرية قرب دمشق ودرعا والقنيطرة. كما تكررت عمليات التوغل المحدودة في المنطقة المنزوعة السلاح، التي كانت لسنوات خط تماس هادئ نسبياً منذ اتفاق 1974 برعاية الأمم المتحدة.
التطورات الأخيرة تعكس مرحلة “اختبار متبادل للنوايا” بين الشرع وتل أبيب، في ظل انفتاح سوري مشروط على الشراكات الدولية ورغبة إسرائيلية في فرض واقع أمني جديد على حدود الجولان.