شهدت ولاية قابس جنوبي تونس حالات اختناق جديدة بين الأطفال، نتيجة انبعاث غازات سامة من مجمع كيميائي، وسط تصاعد الغضب الشعبي والاحتجاجات في المنطقة. سيارات الحماية المدنية نقلت تلاميذ ومواطنين متأثرين بالغازات، بما في ذلك تلميذة على كرسي متحرك، إلى مراكز إسعاف، وسط مشاهد صادمة توثق حجم الخطر الذي يواجه السكان.
الأهالي عبروا عن استيائهم من تجاهل السلطات لتداعيات التلوث البيئي على حياتهم اليومية، مؤكدين أنّ استمرار الانبعاثات يمثل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة، ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان، التي سجلت نسبًا مرتفعة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
وكسفت وسائل إعلام محلية أن الكبار والصغار والشيوخ يعانون من الاختناق.
ولاية قابس الساحلية تعاني منذ عقود من تركز الصناعات الكيميائية على أراضيها، ما أدى إلى تدهور جودة البيئة، وإلحاق أضرار بالثروة السمكية والشواطئ، وهو ما دفع الحكومة سابقًا عام 2017 إلى اتخاذ قرار بتفكيك بعض الوحدات الصناعية الملوثة، لكن التنفيذ ظل محدودًا أو متوقفًا، مما أثار استياء السكان مجددًا.
الاحتجاجات الأخيرة تخللتها مناوشات مع قوات الأمن قرب المجمع الكيميائي، في ظل تصاعد المطالب الشعبية بضرورة تدخل الحكومة بشكل عاجل لتطبيق القرارات البيئية، وتوفير حماية صحية وبيئية للأهالي.
الرئيس قيس سعيد دعا ممثلي الحكومة للتوجه إلى قابس للتفاوض مع السكان، وعرض حلول للأزمة البيئية المتفاقمة، في محاولة لتهدئة التوتر واحتواء الغضب الشعبي.
الحادثة تعكس استمرار أزمة التلوث الصناعي في تونس، وتبرز الحاجة إلى تطبيق صارم للمعايير البيئية، ومحاسبة الجهات المسؤولة عن الإضرار بالصحة العامة والبيئة، إلى جانب الاستثمار في حلول مستدامة لتقليل الانبعاثات وحماية السكان من المخاطر الكيميائية المتكررة.