في أعقاب التوقيع على وثيقة وقف إطلاق النار خلال قمة شرم الشيخ التي جمعت قادة عشرات الدول والوسطاء الإقليميين، برزت تصريحات حركة حماس مساء الإثنين التي فتحت الباب أمام مرحلة سياسية جديدة في غزة، تتجاوز مشهد الحرب نحو ترتيبات “اليوم التالي”.
المتحدث باسم الحركة حازم قاسم قال في تصريحات لقناتي العربية والحدث إن “ترتيبات اليوم التالي يجب أن تتم عبر توافق وطني شامل، يضمن مشاركة جميع القوى الفلسطينية في صياغة مستقبل القطاع”، مشددًا على أن الأولوية الآن هي “تعزيز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي”.
سلاح حماس.. “ملف قابل للحل”
في أكثر التصريحات لفتًا للانتباه منذ بدء الهدنة، أشار قاسم إلى أن ملف سلاح حماس قابل للحل ضمن مقاربة وطنية شاملة، معتبرًا أن ما تملكه الحركة من سلاح “بسيط وتم تضخيمه إعلاميًا”.
وأوضح أن النقاش حول مستقبل السلاح “يجب أن يكون داخل البيت الفلسطيني، وبإجماع وطني، وليس تحت ضغط خارجي أو في ظل تهديدات إسرائيلية”.
صفحة جديدة مع السلطة
وفي نبرة تصالحية نادرة، قال المتحدث إن حماس لا ترغب في فتح أزمات مع السلطة الفلسطينية، وتستعد “لفتح صفحة جديدة معها”، في إشارة إلى أن الحركة ربما باتت مستعدة للدخول في ترتيبات إدارة مشتركة للقطاع بعد الهدنة.
مؤشرات ميدانية حذرة
ميدانيًا، أفادت مصادر أمنية لوكالة رويترز بأن الحركة أعادت نشر عناصرها تدريجيًا في شوارع غزة منذ بدء سريان وقف النار يوم الجمعة الماضي، مع توخي الحذر تحسبًا لانهياره المفاجئ.
كما تولت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، الإشراف على تسليم آخر دفعة من الأسرى الإسرائيليين الأحياء الذين احتجزوا منذ عملية 7 أكتوبر 2023، في خطوة رآها مراقبون “إشارة رمزية إلى التزام حماس بمرحلة ما بعد الحرب”.
خطة ترامب.. غزة منزوع السلاح بإشراف دولي
يأتي ذلك في ظل الخطة الأميركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي، وتضمنت تنحي حماس عن السلطة وتشكيل لجنة فلسطينية مدنية تدير القطاع تحت إشراف دولي، على أن يكون منزوع السلاح، مع نشر بعثة دولية لإحلال الاستقرار وتدريب قوات شرطة فلسطينية.
الخطة، التي جرى التوافق عليها الأسبوع الماضي بين إسرائيل وحماس برعاية مصرية وقطرية وأميركية ومشاركة تركية، تُعد أول تصور متكامل لمستقبل غزة منذ اندلاع الحرب قبل عامين.
يرى محللون أن حديث حماس عن “قابلية حل ملف السلاح” يمثل تحولًا لافتًا في خطابها السياسي، ويعكس إدراكًا بأن استمرار تمسكها بالسلاح خارج إطار وطني قد يعرقل أي تسوية سياسية شاملة.
لكنهم في المقابل يشيرون إلى أن قبول الحركة بمبدأ نزع السلاح فعليًا سيظل مرهونًا بمدى حصولها على ضمانات دولية لوقف العدوان الإسرائيلي، وبدور السلطة الفلسطينية في الترتيبات المقبلة.