في مفاجأة سياسية أثارت تساؤلات في تل أبيب والعواصم الغربية، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلغاء مشاركته في قمة شرم الشيخ للسلام التي تنعقد اليوم بمشاركة دولية واسعة، رغم إعلان رسمي مصري سابق عن حضوره. وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية كواليس هذا القرار، مشيرة إلى أن الأسباب الحقيقية تتجاوز المبررات الدبلوماسية المعلنة.
من الإقصاء إلى الدعوة.. ثم إلى الغياب
بحسب الصحيفة، لم تكن إسرائيل مدعوة في الأصل إلى القمة، التي تعقد تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف إعلان إنهاء الحرب في غزة ووضع أسس إعادة إعمارها.
لكن بعد زيارة ترامب إلى الكنيست الإسرائيلي، جرت مكالمة ثلاثية غير متوقعة بين ترامب ونتنياهو والسيسي — هي الأولى بين الأخيرين منذ أكثر من عامين — أدّت إلى إدراج اسم نتنياهو في قائمة القادة المدعوين، قبل أن يتراجع لاحقًا عن الحضور في اللحظات الأخيرة.
تبريرات رسمية... ومخاوف خفية
رسمياً، علّل مكتب نتنياهو قراره بـ"اعتبارات دينية" تتعلق بقرب الأعياد اليهودية، وخشية إثارة غضب أحزاب الحريديم التي تشكل ركيزة أساسية في ائتلافه الحاكم.
لكن وفق "يديعوت أحرونوت"، فإن هذا التبرير لا يصمد أمام الوقائع، إذ إن نتنياهو عاد مؤخرًا من زيارة خارجية تزامنت مع عطلة السبت، ما يعني أن الاعتبارات الدينية لم تكن هي السبب الحقيقي.
وترجّح المصادر أن نتنياهو أراد تفادي موقف سياسي محرج في القمة، قد يُجبره على مواجهة انتقادات حادة تتعلق بسلوك الجيش الإسرائيلي في غزة، أو على سماع دعوات لإحياء حل الدولتين، وهو طرح يثير حساسية داخل معسكر اليمين الإسرائيلي.
علاقة باردة مع القاهرة
وتسلّط الصحيفة الضوء على الفتور المستمر في العلاقة بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، حيث رفض السيسي مرارًا الرد على اتصالات نتنياهو خلال الأشهر الماضية.
وبرغم الوساطة الأمريكية ومحاولات ترامب لإقناعه بالمشاركة، فضّل نتنياهو الابتعاد عن مشهد يُتوقّع أن يحمل رسائل عربية ودولية ضاغطة على إسرائيل في ملف الحرب والتهجير.
من المقرر أن تشارك في القمة أكثر من 20 دولة، من بينها فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، تركيا، السعودية، قطر، الإمارات، الأردن، إندونيسيا، وباكستان، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ويُنتظر أن يُعلن خلالها رسميًا انتهاء الحرب في غزة، على أن تُخصص جلسات اليوم التالي لبحث خطط إعادة الإعمار ومبادرات الأمن الإقليمي تحت مظلة ما وُصف بأنه "رؤية ترامب للسلام الجديد في الشرق الأوسط".