في مشهد غير مسبوق منذ سنوات، تحولت مدينة شرم الشيخ المصرية إلى مركز اهتمام العالم، مع انطلاق "قمة شرم الشيخ للسلام" برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب. القمة التي وُصفت بأنها "فجر تاريخي لشرق أوسط جديد"، جاءت في توقيت بالغ الحساسية، بعد إعلان واشنطن رسميًا انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وتكثيف الدعوات لإرساء ترتيبات ما بعد الحرب.
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم عدداً من القادة العرب والدوليين المشاركين في القمة، بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. كما وصل إلى شرم الشيخ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وجياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وتسعى القمة، بحسب البيان المصري الرسمي، إلى وضع خريطة طريق لإنهاء الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، واستعادة مسار المفاوضات السياسية، في ضوء التوافق الأمريكي–المصري الذي تشكل خلال الأسابيع الأخيرة حول ضرورة الانتقال من “وقف الحرب” إلى “ترسيخ السلام”.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن القمة تحمل أبعادًا تتجاوز غزة، إذ يجري النقاش حول إطار أمني إقليمي جديد يضمن أمن إسرائيل مقابل الاعتراف بحقوق الفلسطينيين السياسية وإطلاق عملية إعادة إعمار كبرى للقطاع تحت إشراف دولي، بمشاركة عربية موسعة.
ويُتوقع أن تعلن القمة عن "مبادرة شرم الشيخ للسلام"، التي ستشمل ضمانات دولية ملزمة بشأن وقف إطلاق النار الدائم، ونزع سلاح الفصائل، وتأسيس هيئة دولية للإعمار بتمويل خليجي وغربي مشترك.
تأتي قمة شرم الشيخ بعد تصعيد دامٍ استمر عامين في قطاع غزة، انتهى بتدخل أمريكي مباشر أدى إلى إعلان وقف الحرب، وسط تغير في موازين القوى الإقليمية.
رعاية القاهرة وواشنطن المشتركة للقمة تعكس عودة التنسيق الاستراتيجي المصري–الأمريكي إلى مركز صناعة القرار في الشرق الأوسط، في وقت تتراجع فيه فعالية الدور الإسرائيلي بعد الحرب، وتتعاظم مكانة مصر كوسيط رئيسي بين الأطراف المتنازعة.
:
بينما يصف ترامب هذا اليوم بأنه “فجر تاريخي لشرق أوسط جديد”، يرى محللون أن نجاح القمة في تحقيق اختراق حقيقي في ملف غزة سيحدد ملامح التوازن الإقليمي خلال السنوات المقبلة، وأن مصر تعود من جديد إلى واجهة المشهد كـ “عرّابة السلام” في المنطقة.