تشهد مناطق شمال وشرق سوريا منذ أيام توتراً خدمياً ومعيشياً متزايداً بعد استمرار إغلاق الطريق الحيوي الواصل بين مناطق الإدارة الذاتية والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وتحديداً على محور زكية – سلمية – أثريا، وهو الشريان البري الأهم الذي يربط محافظات الرقة والحسكة ودير الزور بالعاصمة دمشق.
ويصف سكان محليون هذا الطريق بأنه “المنفذ الوحيد للحياة”، نظراً لاعتماد آلاف المرضى عليه للوصول إلى المستشفيات المتخصصة في دمشق وحمص وحماة، حيث تفتقر مستشفيات المنطقة الشرقية إلى التجهيزات الكافية لإجراء بعض العمليات الكبرى أو تقديم العلاجات الخاصة بالأمراض المزمنة والسرطانية.
وبحسب الأهالي، فإن الإغلاق الذي بدأ قبل أكثر من أسبوع تسبب في تعطل عشرات الرحلات الطبية والإنسانية، وأجبر مرضى وكبار سن على الانتظار لساعات طويلة عند الحواجز، في ظروف قاسية تفتقر إلى المياه والطعام والمأوى. وأفاد عدد من المسافرين بأن بعض المرضى نُقلوا من سياراتهم إلى حافلات أخرى بانتظار السماح لهم بالعبور، ما أدى إلى تدهور حالات صحية حساسة نتيجة التأخير.
تأثيرات اقتصادية ومعيشية
لم تقتصر تداعيات الإغلاق على الجانب الإنساني، إذ تسبّب توقف الطريق أيضاً في ارتفاع ملحوظ بأسعار المواد الغذائية والخضروات والمحروقات داخل مناطق الإدارة الذاتية، بسبب صعوبة دخول البضائع من المحافظات الغربية. وأشارت مصادر تجارية إلى أن بعض السلع تضاعف سعرها خلال أيام قليلة، ما أضاف عبئاً جديداً على السكان في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور أساساً.
كما أوقفت شركات النقل الجماعي رحلاتها المنتظمة بين مناطق الشمال الشرقي ودمشق، ما ألحق خسائر فادحة بالقطاع الخاص، وزاد الضغط على وسائل النقل المحلية. وأفاد سائقون بأنهم يفضلون التوقف عن العمل مؤقتاً بسبب طول الانتظار على الحواجز وخطورة الطريق البديلة عبر البادية.
مناشدات ومطالب بفتح الطريق
يواصل الأهالي والناشطون في المنطقة مناشداتهم لفتح الطريق أمام الحالات الإنسانية على الأقل، مؤكدين أن استمرار الإغلاق يهدد بتفاقم الأزمة المعيشية والصحية. وطالب وجهاء محليون بـ“التعامل مع المسألة بعيداً عن التجاذبات السياسية”، وبالسماح بمرور المرضى والطلاب والموظفين الراغبين بالتوجه إلى المدن السورية الأخرى.
من جانبها، لم تصدر الجهات الحكومية توضيحاً رسمياً حول أسباب الإغلاق، إلا أن مصادر مقربة من الدوائر المحلية أشارت إلى أن الإجراءات تأتي في إطار تشديد أمني مؤقت يهدف إلى ضبط حركة العبور غير النظامية ومنع تهريب البضائع والمشتقات النفطية بين المناطق.
طرق بديلة غير آمنة
مع استمرار إغلاق معبر أثريا منذ أكثر من أسبوع، يضطر بعض السائقين إلى استخدام طرق بديلة عبر دير حافر أو الطبقة، إلا أن تلك الطرق توصف بأنها طويلة ومحفوفة بالمخاطر، خصوصاً في ظل ضعف الخدمات اللوجستية وندرة محطات الوقود.
ويحذر مراقبون من أن استمرار الإغلاق قد يؤدي إلى أزمة إنسانية متصاعدة، ما لم يتم إيجاد آلية تنسيقية بين الجانبين لتسهيل مرور المدنيين والبضائع، مؤكدين أن فتح الطريق أمام الحالات الطبية والإنسانية سيكون خطوة أساسية لتخفيف معاناة السكان وإعادة الحياة إلى طبيعتها.