اختُتمت مساء الأحد فعاليات الحملة الوطنية "السويداء منّا وفينا – سوريا سندي وسندك"، التي جمعت تبرعات تجاوزت 14.6 مليون دولار أميركي، في مبادرة وُصفت بأنها الأكبر من نوعها خلال العام الجاري، وتهدف إلى تعزيز روح التضامن الوطني ودعم مشاريع خدمية وتنموية في محافظة السويداء.
أُقيمت الفعالية في قرية الصورة الكبرى بحضور رسمي وشعبي واسع، وتنوعت التبرعات بين مؤسسات حكومية ومنظمات إنسانية وشركات خاصة، في مشهد اعتُبر رسالة دعم للمحافظة التي شهدت خلال الأشهر الماضية أوضاعاً معيشية واقتصادية صعبة.
تبرعات بملايين الدولارات
بلغ إجمالي التبرعات أكثر من 14 مليوناً و633 ألف دولار، كان أبرزها مساهمة الهلال الأحمر السوري بمشاريع تتجاوز قيمتها 2.5 مليون دولار، تلاه وزارة الطاقة بمبلغ 1.6 مليون دولار، واتحاد غرف التجارة السورية الذي أعلن تبرعه بـ 1.1 مليون دولار.
كما شارك الدفاع المدني السوري بتعهدٍ قيمته مليون دولار، إلى جانب مؤسسة الآغا خان التي قدمت المبلغ ذاته، فيما ساهمت جمعية قطر الخيرية بمبلغ 820 ألف دولار لدعم مشروعات خدمية واجتماعية في المحافظة.
حضور رسمي ورسائل سياسية
شهدت الحملة حضور عدد من المسؤولين السوريين، من بينهم وزير الإعلام حمزة المصطفى، ووزير الثقافة محمد الصالح، ووزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح، ووزير الصحة مصعب العلي، إلى جانب مستشار رئاسة الجمهورية للشؤون الإعلامية أحمد موفق زيدان، ومحافظ السويداء مصطفى البكور، ومحافظ درعا أنور الزعبي.
وحملت المناسبة بُعداً سياسياً واجتماعياً واضحاً، إذ جاءت في سياق جهود رسمية وشعبية لتعزيز التواصل بين محافظة السويداء وباقي المحافظات السورية بعد فترة من التوترات والمطالب المحلية المتزايدة.
رسالة رئاسية داعمة
بالتزامن مع انطلاق الفعالية، أجرى الرئيس السوري أحمد الشرع اتصالاً هاتفياً مع محافظ السويداء وعدد من وجهاء وشيوخ العشائر في محافظتي السويداء ودرعا، عبّر فيه عن دعمه للحملة ودعا إلى المشاركة الواسعة فيها.
وخلال اجتماع وزاري عقد في دمشق، دعا الشرع السوريين إلى "التبرع بسخاء" لصالح صندوق دعم السويداء، مؤكداً أن الحملة "تجسّد الوحدة الوطنية وتعيد بناء الثقة بين أبناء الوطن الواحد".
وقال الرئيس في كلمته إن فكرة إنشاء الصندوق جاءت اقتراحاً منه لمحافظ السويداء، مضيفاً أن الهدف منها هو "ترميم الجرح الذي حصل بين السويداء وباقي المحافظات"، وتأكيد أن المحافظة "جزء لا يتجزأ من سوريا، كما يعكس شعار الحملة: السويداء منّا وفينا".
وأشار إلى أن بعض الجهات حاولت استغلال الظروف لخلق شرخ بين أبناء السويداء والوطن، "لكن تاريخ هذه المحافظة يشهد على مواقفها الوطنية ودفاعها عن وحدة البلاد".
وأضاف: "الجرح قد يحتاج إلى وقت ليلتئم، لكن هذا لا يمنع أن تكون السويداء شريكاً في إعادة بناء الوطن من جديد".
مشاريع خدمية وتنموية شاملة
أوضح محافظ السويداء مصطفى البكور أن الأموال التي جُمعت ستوجّه إلى ترميم البنى التحتية والخدمات الأساسية في المحافظة، مؤكداً أن أولويات الحملة تشمل إصلاح 50 مدرسة، و35 مسجداً، و50 دار عبادة للطائفة الدرزية، و15 كنيسة.
كما تتضمن الخطة تأهيل آبار مياه الشرب، وتجهيز نحو 20 ألف منزل متضرر، وتحديث 40 بلدية، إضافة إلى مشاريع للطرق والإنارة والكهرباء، وإنشاء محطة سميع الجديدة كمشروع حيوي لتأمين الطاقة للمناطق الريفية.
أبعاد وطنية ورسائل تضامن
أكد القائمون على الحملة أنها مبادرة مجتمعية وطنية تجمع متطوعين من مختلف المحافظات السورية، هدفها ليس فقط تقديم الدعم المادي، بل أيضاً تعزيز اللحمة بين السوريين وتكريس مفهوم "الوطن الواحد".
وأوضحوا أن رؤيتهم تتمثل في بناء "سويداء مستقرة ومزدهرة، يعيش أبناؤها بأمان وكرامة، وتكون نموذجاً للوحدة الوطنية والتعايش المشترك".