بيان مثير للجدل من الهجري... و"جبل باشان" يعود إلى الواجهة

2025.10.12 - 09:43
Facebook Share
طباعة

 أثار بيان جديد صادر عن الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في السويداء، جدلاً واسعًا بعد أن استخدم فيه مصطلحًا توراتيًا هو "جبل باشان" بدلًا من الاسم المعروف "جبل العرب"، في إشارةٍ اعتبرها مراقبون محاولة لتدويل ملف السويداء وربطه بخطاب ديني ذي أبعاد سياسية.

البيان الذي نُشر عبر صفحة “الرئاسة الروحية للموحدين الدروز”، جاء موجّهًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية وعدد من المنظمات الأممية والدولية، تحت عنوان "نداء إنساني عاجل".
وجاء في نص النداء:
“نتوجّه إليكم بهذا النداء الإنسانيّ العاجل، حاملين صوت ومعاناة شعبنا في جبل الباشان بكلّ ما يحتويه من أطياف، منذ شهور من حصار شامل وقاس يهدد حياة المدنيين”.


ادعاءات بـ"حصار شامل" وأزمة إنسانية
اتهم الهجري السلطات السورية بفرض "حصار شامل" على المنطقة، شمل بحسب بيانه نقص الغذاء والدواء والمحروقات وتعطّل الخدمات العامة، فضلًا عن انقطاع الاتصالات والإنترنت وتوقف المؤسسات الرسمية عن العمل.
وأضاف أن الأهالي يعيشون ما وصفه بـ"كارثة إنسانية" نتيجة انهيار شبه كامل في البنى التحتية، مشيرًا إلى "وفاة عدد من المرضى بسبب نقص الأدوية وتدمير المرافق الطبية"، على حد قوله.
كما أشار البيان إلى أن "طلاب الجامعات والمدارس حُرموا من مواصلة تعليمهم نتيجة التوتر الأمني والتهديدات"، مؤكدًا أن "الوضع تجاوز حدود المعاناة الإنسانية وأصبح تهديدًا وجوديًا لأهالي الجبل".


مطالب بتدخل دولي وتقرير المصير
وطالب الهجري الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بـ"رفع الحصار وتأمين ممرات إنسانية آمنة"، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين، ودعا إلى "انسحاب الجهات المسلحة من قرى الجبل وعودة الأراضي إلى حدودها الإدارية الأصلية"، بحسب تعبيره.
وذهب البيان إلى أبعد من ذلك عندما تحدث عن "تمكين أبناء الجبل من ممارسة حق تقرير المصير تحت إشراف الأمم المتحدة"، وهو ما اعتبرته شخصيات سورية محاولة صريحة لتدويل القضية وتحويلها إلى ملف سياسي انفصالي.


“جبل باشان”... من النص التوراتي إلى الخطاب السياسي
مصطلح “جبل باشان” الذي استخدمه الهجري في بيانه، يعود أصله إلى العهد القديم (التوراة)، حيث ورد عشرات المرات باعتباره منطقة تقع في جنوبي سوريا وشرقي الأردن، وتشمل حوران والجولان واللجاة، وهي مناطق ارتبطت جغرافيًا بـ"جبل العرب" الحالي في السويداء.
وتعني كلمة "باشان" في العبرية "الأرض المستوية"، وكانت بحسب الروايات القديمة مملكةً للعموريين في أرض كنعان، وكان ملكها "عوج" الذي قُتل في ما يُعرف بـ"معركة درعا"، لتسقط بلاده بيد العبرانيين آنذاك.
ويرى باحثون أن استحضار هذا المصطلح الديني في سياق سياسي معاصر، خاصة في ظل التوتر الأمني في السويداء، يمثل تغييرًا في الخطاب المحلي نحو بعد رمزي يلامس الروايات التوراتية القديمة، ما يفتح الباب أمام تأويلات متعددة بشأن دوافعه وخلفياته.


السويداء بين رمزية دينية وصراع سياسي
منذ أشهر، تشهد السويداء حالة من التوتر نتيجة الاحتجاجات الشعبية واشتباكات متقطعة بين مجموعات محلية وقوات أمنية، وسط دعوات متكررة من شخصيات دينية ومدنية لفك الحصار وتحسين الأوضاع المعيشية في المحافظة.

ويرى مراقبون أن لهجة الشيخ الهجري في هذا البيان تختلف عن خطاباته السابقة، إذ تميل نحو التدويل واستخدام لغة المطالب السياسية الواضحة، في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا ميدانيًا وتضييقًا على حركة المدنيين.


رمزية “باشان” في الذاكرة الإسرائيلية
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي استخدم اسم “سهم باشان” عنوانًا لعملياته العسكرية ضد أهداف في سوريا بعد اندلاع الحرب، وهي سلسلة غارات وتوغلات استهدفت مواقع عسكرية سورية وإيرانية خلال السنوات الماضية.
ويربط محللون بين هذا الاستخدام الإسرائيلي للمصطلح، وبين استحضاره الآن في خطاب أحد أبرز المرجعيات الروحية في الجنوب السوري، معتبرين أن العبارة لم تعد دينية فحسب، بل تحولت إلى مصطلح ذي حمولة سياسية حساسة.


ختام البيان ورسالة لافتة
اختتم الهجري بيانه بعبارة قال فيها:
“شكرًا لكل من وقف معنا وناصر قضيتنا، وعتبنا على من رأى الإجرام بحقنا وبقي صامتًا... والسلام عليكم من روح السلام في جبل الباشان المبارك”.
عبارة أثارت ردود فعل واسعة، إذ رأى فيها البعض محاولة لتسويق هوية جديدة للمنطقة عبر استعارة رموز من التاريخ الديني القديم، فيما اعتبرها آخرون تعبيرًا عن مأزق حقيقي يعيشه الجنوب السوري بين ضغوط اقتصادية وأمنية خانقة، وخطاب سياسي يبحث عن متنفسٍ في الخارج.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 7