ليبيا: سيطرة القوى السياسية تعرقل تنفيذ الخريطة الأممية

2025.10.11 - 09:45
Facebook Share
طباعة

مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددتها بعثة الأمم المتحدة للمرحلة الأولى من خريطة الطريق السياسية، تحركت القوى السياسية الليبية بخطوات تبدو قانونية ومنسجمة مع المسار الأممي، لكنها في الواقع تطرح علامات استفهام حول دوافعها الحقيقية. توصل المجلسان السياسيان إلى اتفاق يقضي ببدء تسمية شاغلي المناصب السيادية في الدولة، بما في ذلك المناصب المرتبطة بالمصرف المركزي، القضاء، الرقابة، والانتخابات، مع إعطاء الأولوية لتشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات.

ورغم أن الاتفاق يبدو استكمالاً لمتطلبات المسار الأممي، فإن توقيته يثير تساؤلات، خصوصاً بعد سنوات من جمود ملف المناصب السيادية نتيجة الخلافات حول المحاصصة وتقاسم النفوذ بين المجلسين. الاتفاق الحالي يركز على الشق الأول من الخريطة الأممية، بينما لم تُجرَ بعد التعديلات الشاملة على القوانين الانتخابية كما تنص خطة الأمم المتحدة، ما يثير مخاوف من أن يكون هذا التحرك محاولة لتفكيك الخطة تدريجياً من الداخل.

أشار باحثون إلى أن هذا التوجه يتيح للطبقة السياسية إدارة الجمود عبر أدوات مؤسسية تبدو قانونية، ويحوّل ملف المفوضية العليا للانتخابات إلى أداة للمساومات السياسية، مما يقلل من حياد العملية الانتخابية ويفرغ الخطة الأممية من معناها التنفيذي. كما أن بعض الجهات العسكرية والسياسية تسعى لإضفاء غطاء قانوني وتحفظ على مصالحها، بما يجعل أي تحرك أممي محدود التأثير ويواجه صعوبات في فرض تنفيذ شامل للخطة.

في ظل هذا التشابك، تعتمد البعثة الأممية على الانتخابات البلدية لإحياء العملية الانتخابية من القاعدة، إلا أن هذه الانتخابات نفسها تأثرت بتدخلات السلطات المحلية المختلفة، مما يزيد من صعوبة ضمان حياد المسار وتحقيق أهداف الخريطة بشكل كامل.

تبدو ليبيا اليوم أمام مرحلة ليست انسداداً سياسياً فحسب، بل تدويراً ممنهجاً لأدوات القانون والسياسة لإدارة الجمود. القوى الفاعلة تستخدم شرعياتها المكتسبة من الاتفاقات السابقة والمؤسسات القضائية لضمان مصالحها، بينما تواجه البعثة الأممية تحديات جديدة في فرض تنفيذ حزمة الإصلاحات المطلوبة، بما في ذلك مرحلة الحوار المهيكل التي يفترض أن تمثل قاعدة الانتقال إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 8