هل تصمد التسوية اللبنانية في ظل الانتهاكات الإسرائيلية؟

2025.10.11 - 08:46
Facebook Share
طباعة

في وقتٍ تشهد فيه المنطقة حراكاً دبلوماسياً متسارعاً بحثاً عن تسويات دائمة، يبرز مجدداً موقع لبنان في هذا المشهد، خصوصاً في ظل تزايد التوترات على الحدود الجنوبية وتكاثر الخروق الإسرائيلية براً وجواً. ووفق ما نقلته صحيفة "الجمهورية" عن مصدر رسمي رفيع، فإنّ التسوية في لبنان قائمة منذ تشرين الثاني من العام الماضي، حيث نفّذت بيروت معظم التزاماتها، فيما تبقى متابعة البنود الميدانية رهناً بالموقفين الأميركي والإسرائيلي.

تنفيذ لبناني واسع في الجنوب:

نفّذ لبنان القسم الأكبر من التزاماته، ولا سيما في منطقة جنوب الليطاني، إذ أنجز الجيش نحو 80 في المئة من مهامه وفق القرار 1701، مع تعزيز الانتشار ليصل إلى نحو تسعة آلاف عنصر، ضمن تنسيق وثيق مع قوات «اليونيفيل».
هذا الانتشار ساهم في الحفاظ على هدوء نسبي رغم الانتهاكات الجوية الإسرائيلية المتكررة، فيما ركّزت القوات الدولية والجيش على ضبط الأوضاع ومنع أي تصعيد ميداني.

غياب الفاعلية الأميركية:

يُعدّ دور لجنة الإشراف الأميركية، المعروفة بـ"الميكانيزم"، محورياً في مراقبة تنفيذ التسوية، لكنها ما زالت غائبة فعلياً عن المشهد. فلم تُسجَّل أي خطوات فاعلة للضغط على إسرائيل لوقف الانتهاكات أو معالجة القضايا العالقة، مثل ملف الأسرى أو النقاط الحدودية المتنازع عليها.
ويرى مراقبون أنّ هذا الجمود يعكس غياب إرادة دولية حقيقية لفرض تطبيق الاتفاق كاملاً، ما يترك الجنوب اللبناني رهينة للتقلبات الإقليمية والسياسية.

استقرار هش رغم الاعتداءات:

رغم تكرار الاعتداءات الإسرائيلية، لم تُسجّل أي جهة لبنانية إطلاق نار منذ بدء العمل بالتسوية، كما لم ترصد القوات الدولية نشاطاً عسكرياً لحزب الله أو غيره جنوب الليطاني.
ويعتبر محللون هذا السلوك دليلاً على رغبة رسمية لبنانية في تجنّب الانزلاق إلى مواجهة جديدة، خصوصاً وسط الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
إلا أنّ استمرار الغارات والاغتيالات بالطائرات المسيّرة يثير مخاوف متزايدة من انزلاق غير محسوب، قد يعيد المنطقة إلى أجواء التوتر.

مخاوف من منطقة عازلة:

في المقابل، تُطرح احتمالات حول رفض إسرائيل الانسحاب من بعض النقاط الحدودية، وسط حديث عن إمكانية إنشاء منطقة عازلة في الجنوب. ويُجمع محللون عسكريون على أنّ هذه الخطوة تمثل انتكاسة لمسار القرار 1701، وقد تعيد لبنان إلى مرحلة ما قبل 2006، بما تحمله من احتمالات مواجهة جديدة أو تصعيد محدود.

تسوية قائمة ولكن غير مكتملة:

في المحصلة، يلتزم لبنان بالتسوية القائمة من جانب واحد، بينما تبقى الاستجابة الإسرائيلية محدودة والمتابعة الأميركية غير فعالة. الوضع الراهن أقرب إلى هدوء حذر منه إلى استقرار دائم، ويعتمد على استمرار ضبط النفس من جميع الأطراف، وعلى مدى استعداد القوى الدولية لتثبيت الاتفاق وضمان تطبيقه الكامل.
وبغياب أي تفاهم سياسي جديد، تبقى التسوية الحالية مستمرة في الشكل، لكنها مهددة في المضمون، إلى أن يُحسم المسار الدبلوماسي بما يضمن استقراراً حقيقياً للجنوب اللبناني. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2