لبنان: يواجه ارتفاعاً في حالات الانتحار والاكتئاب
تتصاعد في لبنان موجة من الضغوط النفسية بين الشباب، وسط أزمة اقتصادية وسياسية مستمرة، ما يجعل حالات الانتحار تتزايد بشكل لافت. قصص شابين انتهت حياة أحدهما في كسروان، فيما حاول آخر الانتحار في بيروت وتم إنقاذه، وضعت المجتمع أمام وجع صامت يحتاج إلى معالجة فورية قبل فوات الأوان.
أرقام مقلقة:
سجّل لبنان في الأشهر الأولى من 2025 ارتفاعاً بنسبة 20٪ في حالات الانتحار مقارنة بالعام الماضي، مع الإشارة إلى أن الأرقام الرسمية قد لا تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة بسبب تسجيل حالات كثيرة على أنها "حوادث عرضية" لتجنب الوصمة الاجتماعية والدينية. الرجال ينتحرون أكثر من النساء، بينما تحاول النساء العلاج بشكل أكبر، وتظل معظم حالات الانتحار مرتبطة باضطرابات نفسية كالاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب أو الذهان أو القلق النفسي.
اضطرابات نفسية ومؤشرات تحذيرية:
وفق وسائل إعلام محلية، أوضح اختصاصيون في الأمراض النفسية أن من يعاني من اكتئاب شديد أو اضطراب نفسي قد يصل إلى التفكير في الانتحار، فيما يمكن معالجته إذا تم التدخل النفسي قبل تفاقم الحالة. وتشمل علامات التحذير تغيّر المزاج، الانطواء، اضطراب النوم أو الشهية، وفقدان الرغبة في النشاط. حالات الاكتئاب المستتر (Perfectly Hidden Depression) تجعل الشخص يبدو طبيعيًا أمام الآخرين رغم معاناته، ما يزيد خطورة الانتحار المفاجئ.
فئات معرضة للانتحار:
الأشخاص الأكثر عرضة يشملون المثليين، اللاجئين، العمال الأجانب، ومن يعاني الوحدة. ازدادت حالات الاكتئاب نتيجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ما رفع من احتمال الانتحار، وازدادت المكالمات إلى الخط الوطني للدعم النفسي 1564، حيث ترد أكثر من 1000 مكالمة يوميًا من أشخاص يبحثون عن الدعم، سواء رغبةً في الحياة أو إنهاء الألم النفسي.
العوائق أمام العلاج النفسي:
الوصول إلى العلاج النفسي في لبنان محدود وتكلفته مرتفعة، ويغيب الدور الرسمي بشكل شبه كامل، فيما شركات التأمين غالبًا لا تغطي خدمات الصحة النفسية. مستوصفات الجمعيات والمستشفيات الخاصة تحت ضغط شديد، ما يحد من قدرة المرضى على العلاج.
الانتحار في لبنان أصبح مشكلة صحية عامة، تتأثر بالأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وبنقص الدعم النفسي المتاح. مكافحة هذه الظاهرة تتطلب تعزيز خدمات الصحة النفسية، رفع الوعي المجتمعي لكسر وصمة العار، وتقديم الدعم المبكر للأشخاص المعرضين للانتحار قبل الوصول إلى مرحلة اليأس.
