دمشق تراهن على ورقة نقدية جديدة

2025.10.11 - 06:12
Facebook Share
طباعة

في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في تاريخ السياسة النقدية السورية، أعلن مصرف سوريا المركزي عن طرح عملة جديدة لعام 2025 تضم ست فئات نقدية حديثة، في إطار خطة إصلاح اقتصادي تهدف إلى ضبط السوق واستقرار الأسعار. ويرى مراقبون أنّ الإصدار الجديد يعكس محاولة من السلطات المالية لإعادة الثقة بالليرة بعد سنوات من التراجع الحاد والتضخم المتسارع.

بحسب تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، فإنّ إصدار العملة الجديدة يمنح المصرف أداة إضافية لضبط الأسواق وتحقيق استقرار نسبي للأسعار، موضحاً أن العملية ليست ضخاً نقدياً جديداً بل استبدالاً منظماً للعملة القديمة ضمن خطة إصلاح متكاملة. الحصرية وصف الخطوة بأنها “بداية مرحلة مالية جديدة”، معتبراً أنّ الإصدار يهدف إلى تحديث النظام النقدي وتبسيط التعاملات اليومية.

حذف الأصفار... خطوة فنية أم تحوّل اقتصادي؟

يرى الحصرية حذف الأصفار من العملة الجديدة يسهم في تسهيل العمليات الحسابية ويقوّي ثقة المواطن بالعملة الوطنية، غير أنّ خبراء اقتصاد يشيرون إلى أن حذف الأصفار وحده لا يعالج المشكلات البنيوية في الاقتصاد السوري، ما لم يترافق مع إصلاحات إنتاجية وضبط فعلي لأسعار السلع الأساسية.
ويعتبر البعض الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو تقليص الأعباء التقنية والإدارية الناتجة عن تضخم الأرقام في السوق، أكثر من كونه تحوّلاً نقدياً جذرياً.

تصميم جديد ورسائل رمزية:

من الناحية الشكلية، كشف المصرف أنّ التصميم الجديد يعتمد أسلوباً عصرياً بسيطاً يقوم على الأشكال المجرّدة والألوان الواضحة، بعيداً عن الرموز التاريخية التي ميّزت الإصدارات السابقة. ويقول الحصرية إنّ هذا التوجه يعكس “اتجاهاً عالمياً نحو التصميم النظيف”، بما يجعل الأوراق النقدية أكثر سهولة في الاستخدام والتعرف عليها، فضلاً عن تعزيز عناصر الأمان لمنع التزوير.
ويرى محللون أن التغيير في الشكل يحمل أبعاداً رمزية، إذ يسعى المصرف من خلاله إلى الإيحاء ببدء مرحلة جديدة عنوانها “التجديد والثقة”، في وقتٍ تحتاج فيه البلاد إلى رسائل طمأنة مالية داخلية وخارجية.

بين التفاؤل والحذر:

رغم اللهجة التفاؤلية التي رافقت الإعلان، يبقى التساؤل مطروحاً حول قدرة العملة الجديدة على تحقيق الاستقرار في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والعقوبات الغربية وتراجع الإنتاج المحلي. فالتحديات التي تواجه الليرة السورية لا تتعلق بالشكل أو الفئات النقدية، بقدر ما ترتبط بعمق الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عقد.

العملة الجديدة تمثّل بلا شك محاولة لإعادة هيكلة النظام النقدي وتخفيف الضغط على الأسواق، لكنها في الوقت نفسه لا تضمن بمفردها معالجة أسباب التضخم أو تحسين القوة الشرائية للمواطن.
وبين الطموح الرسمي لبداية “مرحلة مالية جديدة” والواقع الاقتصادي الصعب، يبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح الليرة الجديدة في استعادة الثقة والقدرة على تثبيت الأسعار، أم تبقى خطوة رمزية ضمن مسار إصلاح طويل ومعقد؟ 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7