تبون يفضح المخطط الإسرائيلي ضد الجزائر: رسائل في توقيت مفصلي

2025.10.11 - 06:08
Facebook Share
طباعة

أعاد تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول مشروع إسرائيلي قديم لقصف العاصمة الجزائرية عام 1988 فتح ملف المواقف الجزائرية الثابتة من القضية الفلسطينية، وما تمثله من امتداد سياسي واستراتيجي في مسار الدولة منذ الاستقلال.
المعلومة، وإن جاءت بعد أكثر من ثلاثة عقود، أعادت التأكيد على البعد التاريخي الذي تحكمه الجزائر في سياستها الخارجية، والذي يقوم على مناهضة الاستعمار ودعم حركات التحرر.

البعد التاريخي للموقف الجزائري:

يُعد الموقف الجزائري من فلسطين أحد أعمدة السياسة الخارجية التي تشكلت بعد حرب التحرير. فالجزائر التي احتضنت عام 1988 المجلس الوطني الفلسطيني وأعلنت من على أراضيها دولة فلسطين، جعلت من هذا الحدث رمزًا لاستقلال قرارها، ورسالة سياسية تجاه العالم بأن دعمها للقضية الفلسطينية ليس موسميًا أو مشروطًا.

استحضار هذا الحدث اليوم يوحي بأن الجزائر لا تنظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها ملفًا خارجيًا، بل جزءًا من هويتها الوطنية، ومكوّنًا من مكوّنات سرديتها السياسية القائمة على الشرعية الثورية والتاريخ النضالي ضد الاحتلال.


رسائل داخلية وخارجية:

يبدو أن الخطاب الذي تناول فيه تبون القضية الفلسطينية يتجاوز الإطار التاريخي إلى سياق سياسي راهن، فالجزائر، التي تشهد انخراطًا متزايدًا في الملفات الإقليمية والدولية، تسعى إلى تثبيت موقعها كدولة توازن بين المبدأ والسياسة الواقعية.
الإشارة إلى “التهديد الإسرائيلي القديم” يمكن قراءتها كرسالة مزدوجة: تأكيد على أن المواقف المبدئية كانت مكلفة لكنها ثابتة، وتذكير بأن دعم فلسطين ليس مجرد شعار بل خيار استراتيجي ما زال يوجّه السياسة الجزائرية حتى اليوم.

تجديد الدور الدبلوماسي:

في السنوات الأخيرة، كثّفت الجزائر حضورها في المنابر الدولية دفاعًا عن فلسطين، وسعت إلى إحياء مبادرات تسوية تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة. هذا المسار ترافق مع مواقف حازمة ضد موجات التطبيع الإقليمي، ما جعلها تبدو في موقع المدافع التقليدي عن ثوابت القضية داخل الجامعة العربية ومجلس الأمن.

وفي هذا السياق، يمكن فهم الخطاب الرئاسي كجزء من محاولة تأكيد هذا الدور، خصوصًا في وقت تشهد فيه المنطقة إعادة ترتيب للأولويات السياسية بعد النزاعات الأخيرة. الجزائر، من موقعها الجغرافي والسياسي، تسعى إلى التذكير بأنها ما زالت جزءًا فاعلًا في معادلة دعم فلسطين، وإن بوسائل دبلوماسية أكثر منهجية مما كانت عليه في العقود السابقة.

بين الذاكرة والواقع:

الحديث عن "مشروع قصف" يعود إلى الذاكرة أكثر مما يرتبط بالوقائع العسكرية، لكنه يرمز إلى مرحلة من الصراع الإيديولوجي بين محور المقاومة وحلفاء الغرب في نهاية الثمانينيات. إحياء هذه الذكرى اليوم قد يكون وسيلة لتأكيد أن الجزائر لم تتخلّ عن مبادئها رغم تبدّل الظروف، وأنها ترى في الدفاع عن فلسطين امتدادًا لمعركتها التاريخية ضد الاحتلال الفرنسي.


من خلال هذا الخطاب، تبدو الجزائر في مسار يجمع بين الذاكرة الوطنية والرهان السياسي، فالتاريخ بالنسبة إليها ليس سردًا لأحداث مضت، بل أداة لتثبيت الحاضر السياسي وترسيخ موقعها الأخلاقي في القضايا الإقليمية.
وبين الثبات على المبادئ وضرورات الواقع، تحاول المحافظة على توازنها بين الالتزام بالموقف الفلسطيني والبراغماتية المطلوبة للتعامل مع التحديات الإقليمية الراهنة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 6