قام وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بزيارة رسمية إلى بيروت، وهي الأولى لمسؤول سوري منذ انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. الزيارة حملت رسالة واضحة من دمشق حول احترام سيادة لبنان وتجاوز ملفات الماضي، في خطوة اعتبرها محللون فرصة حقيقية لتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية.
ركزت لقاءات الشيباني مع رئيسي الجمهورية والحكومة اللبنانيين على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، خاصة مع بدء تعافي سوريا ورفع العقوبات عنها، ما يتيح فرصًا للاستثمار وتبادل المنافع، كما تطرق الطرفان إلى ملفات أمنية وقضائية عالقة منذ عهد النظام السابق، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات، بالإضافة إلى ملفات المعتقلين السوريين، اللاجئين وفلول النظام الهاربين، وترسيم الحدود.
واستقبل المسؤولون اللبنانيون الشيباني بروح الاحترام المتبادل والثقة، مؤكدين على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية على أسس واضحة بعيدة عن الوصاية السابقة، حيث أبلغ رئيس الجمهورية الوزير السوري تحياته للرئيس الشرع، مجددًا الدعوة له لزيارة لبنان، كما ناقش الطرفان تعيين سفراء بين البلدين، في خطوة من شأنها تفعيل القنوات الدبلوماسية بشكل رسمي، بعد سنوات من التواصل المحدود وغير الرسمي.
جاءت زيارة الشيباني مصحوبة بوفد رفيع المستوى، ضم وزير العدل السوري مظهر الويس، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة، ومساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحّان، ما يعكس أهمية الملف اللبناني بالنسبة لسوريا وحرص دمشق على إدارة العلاقات بشكل رسمي ومنظم.
ويرى محللون أن هذه الزيارة تشير إلى رغبة دمشق في إعادة ترتيب علاقتها مع لبنان بعيدًا عن الوصاية السابقة، وفتح الباب أمام تعاون موسع في المجالات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية، كما يمكن أن تمثل نقطة تحول محتملة في استقرار المنطقة إذا ما ترافقت مع استراتيجيات لبنانية واضحة للتعامل مع الملفات العالقة، ما يمهد الطريق لتعاون طويل الأمد بين الجانبين على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.