مراقبة أم وصاية غير معلنة؟.. ما وراء تمركز الجنود الأميركيين في غزة؟

2025.10.11 - 04:31
Facebook Share
طباعة

بينما تترقب غزة خطوات ما بعد وقف إطلاق النار، تتجه الأنظار إلى وصول القوات الأميركية المنتظرة إلى محيط القطاع صباح الأحد، في خطوة توصف بأنها “مفصلية” ضمن الترتيبات الجديدة لما بعد الحرب. ورغم نفي واشنطن وتل أبيب نية تلك القوات دخول القطاع، فإن دورها المعلن في “مراقبة وقف إطلاق النار” و”تنظيم المساعدات” يكشف ملامح مرحلة انتقالية معقدة تتداخل فيها الأبعاد الأمنية والسياسية والإنسانية.

 

تمركز القوات الأميركية ومهامها

أكد مسؤول أميركي لقناتي العربية والحدث أن اكتمال وصول نحو 200 جندي أميركي إلى محيط غزة سيتم صباح الأحد، مشيراً إلى أنهم لن يتمركزوا داخل القطاع الفلسطيني، بل في مناطق قريبة منه داخل إسرائيل.

وفي المقابل، نقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن تلك القوات ستتوجه إلى قاعدة "هاتسور" الجوية القريبة من مدينة أشدود في جنوب إسرائيل، حيث ستباشر مهامها في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.

ووفقاً للمسؤولين الأميركيين، ستُشكّل هذه القوة نواة لما يسمى "قوة الاستقرار الدولية"، على أن تكون مهمتها الأساسية إقامة مركز تنسيق مدني – عسكري يتولى الإشراف على المساعدات الإنسانية وتنظيم دخولها إلى غزة، إلى جانب التنسيق الأمني بين الأطراف الضامنة للاتفاق.

 


مركز التنسيق ودور الشركاء الدوليين

المسؤول الأميركي أوضح أن مركز التنسيق سيضم ممثلين من الدول المشاركة في القوة الدولية، بالإضافة إلى منظمات إنسانية تعمل حالياً في غزة وأخرى ستنضم لاحقاً.
وستكون مهام المركز، بحسب التوضيحات الرسمية، تنظيم المساعدات، مراقبة الترتيبات الأمنية، وتسهيل الانتقال إلى الحكم المدني في أسرع وقت ممكن.

وتشير التسريبات إلى أن المسؤولية التنفيذية لوقف إطلاق النار ستتطلب ضمان نزع سلاح حركة حماس تدريجياً، وهو ما ستتولاه فرق مشتركة بين القوى المشاركة في الاتفاق.

كما نقلت فرانس برس عن مصادر أميركية أن ضباطاً مصريين وقطريين وأتراكاً سينضمون إلى هذا الفريق الدولي، في إطار ما وصفته واشنطن بـ"آلية متعددة الأطراف لحفظ الاستقرار".

 

يأتي وصول القوات الأميركية بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الأربعاء عن التوصل إلى المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحماس، والذي تضمن وقف العمليات العسكرية وتبادل الأسرى بإشراف الوسطاء (مصر، قطر، والولايات المتحدة) ومشاركة تركية.

وقد دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهر الجمعة، عقب انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع الشمالي والوسطي، مما سمح بعودة آلاف النازحين من الجنوب إلى مناطقهم المدمّرة.

ويرى مراقبون أن نشر القوات الأميركية في هذا التوقيت يحمل بعداً رمزياً وسياسياً أكثر من كونه عسكرياً، إذ يُراد منه توجيه رسالة طمأنة لحلفاء واشنطن في المنطقة بأن إدارة ترامب هي التي تمسك بخيوط ما بعد الحرب في غزة، وتحدد شكل المرحلة الانتقالية المقبلة.


مراقبة أم وصاية غير معلنة؟

يطرح وصول هذه القوة جملة من التساؤلات حول طبيعة دورها وحدوده، وما إذا كانت تمثل بداية وجود دولي منظم في غزة تحت غطاء “مهمة إنسانية”، أم أنها خطوة أولى نحو إشراف أمني وسياسي دولي على القطاع في مرحلة ما بعد حماس.

وبينما تحرص واشنطن وتل أبيب على التأكيد أن لا نية لنشر قوات داخل غزة، ترى فصائل فلسطينية أن هذه الترتيبات تمهّد لتكريس وصاية جديدة على القطاع، تحت عنوان “الاستقرار والمساعدات”.

 


مرحلة انتقالية مفتوحة

وإذ تبدو الخطوات الأميركية جزءاً من مسار أوسع لإعادة ترتيب الوضع في غزة، فإن المرحلة المقبلة ستختبر قدرة الوسطاء على تحقيق توازن دقيق بين الأمن والسيادة والإنقاذ الإنساني.
فما يجري لا يمثل فقط وقفاً للحرب، بل بداية إعادة هندسة سياسية وأمنية للقطاع، يراقبها الجميع من واشنطن إلى القاهرة وأنقرة، بينما يظل الفلسطينيون في غزة ينتظرون ترجمة كل هذه التحركات إلى واقع يوقف نزيفهم المستمر منذ عامين.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 3