تركيا تلوّح بالتدخل في غزة: تحرك سياسي أم بداية انتشار عسكري إقليمي؟

2025.10.11 - 02:32
Facebook Share
طباعة

تشهد العاصمة التركية أنقرة نقاشات مكثفة على مستوى وزارات الخارجية والدفاع وجهاز الاستخبارات بشأن إمكانية إرسال قوة عسكرية تركية إلى قطاع غزة، في خطوة وُصفت بأنها لا تزال في مراحلها الأولى، لكنها تعكس توجهًا تركيًا متزايدًا نحو الانخراط المباشر في ترتيبات ما بعد الحرب في القطاع.

وقال عبد الله غولر، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في تصريحات نقلتها قناة TRT Haber، إن العملية "لا تزال في بدايتها"، مضيفًا أن "وزارتي الخارجية والدفاع الوطني وجهاز الاستخبارات يعملون على تحديد التفاصيل الخاصة بالمهمة المحتملة في غزة، بما في ذلك ما يتعلق بوقف إطلاق النار المتبادل والتدابير اللاحقة في المنطقة".

وأوضح غولر أن الخطوة المقبلة قد تتمثل في عرض قرار رسمي من الرئيس رجب طيب أردوغان على البرلمان للموافقة على نشر القوات، مشيرًا إلى أن ذلك لن يتم إلا بعد استكمال الدراسات السياسية والعسكرية والقانونية اللازمة.

وتابع قائلاً: "ستُحدد وزارتا الخارجية والدفاع الإطار العام لهذه الاتفاقية، مع مراعاة الوضع الميداني والإطار الزمني، وبعد ذلك سيتم تقديم المقترح وتقييمه ليُحال كمقترح رئاسي إلى مكتب رئيس البرلمان. ما زال الوقت مبكرًا؛ فنحن في بداية العملية".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن يوم الخميس الماضي أن بلاده ستكون ممثلة في مجموعة العمل الدولية التي ستتولى مراقبة وقف إطلاق النار في غزة ميدانيًا، مؤكدًا أن تركيا "ستساهم بكل إمكانياتها في ضمان استقرار الوضع الإنساني والسياسي في القطاع".

وفي السياق ذاته، نقلت قناة سي إن إن تورك عن وزارة الدفاع التركية قولها إنها أبدت استعدادها للقيام بأي مهام في غزة ضمن جهود السلام والمراقبة، ما يعكس توافقًا بين المؤسسات التركية حول ضرورة لعب دور مباشر في إعادة الاستقرار إلى المنطقة بعد اتفاق الهدنة.

وتأتي هذه التطورات بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إسرائيل وحركة حماس قد توصّلتا إلى اتفاق لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة سلام تهدف إلى إنهاء الحرب في القطاع، عبر ترتيبات تشمل وقف إطلاق النار، وإدخال مساعدات إنسانية، وبحث آليات الإعمار وإدارة القطاع في مرحلة ما بعد النزاع.

 

بحث أنقرة إرسال قوات إلى غزة يحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تتجاوز مجرد المشاركة في مهام مراقبة وقف إطلاق النار، إذ تسعى تركيا إلى ترسيخ موقعها كقوة إقليمية فاعلة في الملفات الساخنة، خاصة في ظل التنافس على من سيملأ الفراغ الأمني والسياسي بعد الحرب.

ويشير محللون إلى أن التحرك التركي قد يثير تحفظات إسرائيلية ومصرية على حد سواء، نظرًا لحساسية الوجود العسكري التركي في منطقة قريبة من حدود مصر وإسرائيل، خصوصًا أن أنقرة تمتلك علاقات معقدة مع كل من الطرفين، رغم تحسنها النسبي خلال الشهور الماضية.

في المقابل، قد يُنظر إلى المبادرة التركية على أنها محاولة لإعادة التوازن في ملف غزة عبر دور فاعل لدولة مسلمة كبرى تربطها علاقات تاريخية بالفلسطينيين، وتسعى لطرح نفسها كوسيط مقبول في ترتيبات ما بعد الحرب، خاصة في ظل ما تعتبره أنقرة "تهميشًا لدورها" في الجهود الغربية.

 


يُذكر أن تركيا كانت من أبرز الدول التي انتقدت بشدة العملية الإسرائيلية في غزة، وطالبت مرارًا بوقف فوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية دائمة. كما استضافت خلال العام الماضي مؤتمرات لدعم إعادة إعمار القطاع، وقدمت مساعدات إنسانية عبر مؤسسة الهلال الأحمر ووكالة التعاون التركية (تيكا).

ويرى متابعون أن إقرار البرلمان التركي لأي تفويض بإرسال قوات إلى غزة – إذا تم – سيكون خطوة فارقة في السياسة الإقليمية التركية، تضعها في قلب ترتيبات الأمن في الشرق الأوسط، وتمنحها أوراق ضغط جديدة في تفاعلاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي على السواء.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 4