من النفط إلى السلاح.. تسوية سورية جديدة تُنهي عزلة «قسد» وتعيدها إلى حضن الدولة

2025.10.11 - 01:37
Facebook Share
طباعة

في تطور سياسي وأمني لافت على الساحة السورية، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أبدت استعدادها لتسليم إنتاج النفط في حقول دير الزور إلى الحكومة السورية، في خطوة تعكس تحولاً تدريجياً في العلاقة بين الجانبين بعد سنوات من القطيعة والتوتر.

وبحسب ما نقل «تلفزيون سوريا»، فإن التفاهمات التي تمت خلال لقاء جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بقائد قوات «قسد» مظلوم عبدي في دمشق الأسبوع الماضي، تنص على أن المرحلة الأولى من عملية الدمج ستبدأ من محافظة دير الزور، وتشمل حقول النفط والمؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية، تمهيداً لضم المناطق الواقعة شرق الفرات تدريجياً إلى مؤسسات الدولة السورية.

وتشير المعلومات إلى أن «قسد» ستحتفظ بنسبة محدودة من إنتاج النفط، تُخصص للأسواق المحلية في مناطقها، ضمن اتفاق مؤقت يهدف إلى ضمان الاستقرار الاقتصادي والإداري في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرتها.

 

لجنة عسكرية إلى دمشق

من جهته، أعلن القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، في كلمة له خلال احتفال بمناسبة ذكرى تأسيس القوات، أن لجنة عسكرية ستتوجه قريباً إلى دمشق لبحث الآليات التفصيلية لدمج «قسد» ضمن الجيش السوري.
وقال عبدي إن «اللجنة ستناقش كيفية الاندماج وفق ترتيبات تحفظ خصوصية التجربة التي خاضتها (قسد) في الحرب ضد الإرهاب، وضمان استمرار دور وحدات مكافحة الإرهاب في ملاحقة تنظيم (داعش) في جميع أنحاء سوريا».

وأكد عبدي أن القيادة الكردية ترى في هذا المسار «خياراً وطنياً يهدف إلى توحيد القوى السورية تحت مظلة الدولة، مع الحفاظ على خصوصية المناطق التي دافعت عن نفسها خلال سنوات الحرب».

 


حراك دبلوماسي مكثف في دمشق

تزامناً مع هذه التفاهمات، شهدت العاصمة السورية دمشق خلال الأيام الأخيرة نشاطاً سياسياً ودبلوماسياً غير مسبوق، تمثل في لقاء الرئيس أحمد الشرع بوفد أميركي رفيع ضم المبعوث توم باراك وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر، إلى جانب وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات العامة.

وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن اللقاء تناول مستقبل مناطق شمال وشرق سوريا، ودور الولايات المتحدة في ضمان انتقال منظم لملف النفط والقوات المحلية إلى سيطرة الحكومة السورية، بما لا يؤدي إلى فراغ أمني قد تستفيد منه خلايا تنظيم «داعش».

 


تحول في الموقف الأميركي

ويرى مراقبون أن حضور المبعوثين الأميركيين لقاء الشرع وعبدي يعكس تحولاً في الموقف الأميركي من التعامل مع دمشق، إذ تسعى واشنطن إلى تحقيق توازن بين دعم «قسد» والحفاظ على استقرار الدولة السورية، خصوصاً في ظل تصاعد التوتر في الشمال الغربي بين الجيش السوري والفصائل المدعومة من أنقرة.

ويشير هذا التطور إلى أن الولايات المتحدة قد لا تمانع في تسوية جزئية تضمن دمج قوات «قسد» ضمن هيكلية الجيش السوري، مقابل التزامات سياسية تتعلق بمستقبل اللامركزية والإدارة الذاتية.

 

اتفاق مارس يعود للواجهة

ويُعد اللقاء الأخير الثاني بين الشرع وعبدي منذ توقيع اتفاق أولي في مارس (آذار) 2025 بدمشق، نص على مبادئ مبدئية لدمج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية، خاصة في مجالي الدفاع والطاقة.
ويرى محللون أن عودة الاتفاق إلى الواجهة بعد أشهر من الجمود تعكس رغبة مشتركة لدى الطرفين في تطبيع العلاقات تدريجياً، مع احتفاظ كل طرف بهوامش تفاوضية مرتبطة بالملف الأميركي والتركي.

 


تأتي هذه التطورات في ظل تراجع الدعم الأميركي العلني لـ«قسد» بعد تغير أولويات واشنطن الإقليمية، إلى جانب تصاعد الضغوط التركية في مناطق الشمال، ما دفع القيادة الكردية إلى البحث عن ضمانات داخلية عبر التنسيق مع دمشق.

ويرى خبراء أن اتفاق دير الزور يمثل بداية مسار طويل نحو إعادة توحيد المؤسسات السورية، وربما يشكل نواة لتفاهمات أوسع تشمل شرق الفرات والرقة والحسكة لاحقاً، ضمن إطار «إدارة لامركزية تحت مظلة الدولة».

 


يبدو أن مشهد العلاقة بين دمشق و«قسد» يشهد تحولاً جذرياً نحو التسوية، مدعوماً بتفاهمات نفطية وعسكرية ودبلوماسية متداخلة.
ومع استعداد اللجنة العسكرية لبدء محادثات رسمية في دمشق، فإن الأسابيع المقبلة قد تحمل مؤشرات حاسمة حول مستقبل الوجود الكردي في هيكل الدولة السورية، وما إذا كانت هذه الخطوة بداية لنهاية مرحلة الانقسام الفعلي في الجغرافيا السورية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4