في ظلّ بدء العدّ التنازلي لتطبيق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتجه الأنظار إلى واحدة من أكثر القضايا حساسية في مسار التسوية المقبلة: مصير سلاح حركة حماس.
فبينما تعتبره الحركة “سلاحًا شرعيًا للدفاع عن الفلسطينيين”، ترى الإدارة الأميركية وحلفاؤها أن تفكيكه يمثل المدخل الإلزامي لتثبيت الاستقرار ونشر قوة دولية في القطاع.
كشف مسؤول أميركي رفيع، اليوم الجمعة، أن خطة واشنطن لما بعد الهدنة في غزة تتضمن تفكيك الأسلحة الثقيلة لحركة حماس بعد نشر قوة استقرار دولية، مشيرًا إلى أن لجنة مراقبة وقف إطلاق النار ستضم قوات من الولايات المتحدة ودول عربية وتركيا، في خطوة تعكس اتساع دائرة الانخراط الإقليمي في ترتيبات ما بعد الحرب.
ووفقًا لموقع أكسيوس الأميركي، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شارك شخصيًا في المفاوضات، وأجرى ثلاث مكالمات مباشرة مع أطراف مختلفة لتأمين ضمانات حول تنفيذ الاتفاق، في إشارة إلى رغبة واشنطن في إحكام السيطرة على مسار المرحلة الانتقالية.
وستضم قوة المراقبة نحو 200 جندي وضابط أميركي، إلى جانب ضباط من مصر وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة، دون وجود مباشر للقوات الأميركية على الأرض في غزة، بحسب المصادر ذاتها.
وتنص الخطة على أن القوات العربية والإسلامية ستنتشر في المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي تدريجيًا، في عملية قد تستمر عدة أشهر. يعقبها البدء في تفكيك المنشآت العسكرية التابعة لحماس وإزالة الأسلحة الثقيلة، على أن يتم ذلك بالتوازي مع تنفيذ تبادل الأسرى والرهائن بين الجانبين.
وفي السياق نفسه، يجتمع المبعوثان الأميركيان ويتكوف وكوشنر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار القادة العسكريين في تل أبيب لمناقشة تفاصيل نشر “قوة الاستقرار الدولية” وآلية مراقبة الهدنة.
موقف حماس والمشهد الفلسطيني
من جانبها، أعلنت حركة حماس أن سلاحها “شرعي” وأن أي نقاش بشأنه يجب أن يتم داخل الإطار الوطني الفلسطيني، معتبرة أن الحديث عن تفكيكه قرار سيادي لا يخضع للإملاءات الخارجية.
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم في تصريح لقناة “العربية/الحدث” إن الحركة “تتحمل مسؤولية وطنية في إيجاد مقاربات داخلية حول سلاح المقاومة”، مؤكدًا أن هذا الملف سيكون ضمن أجندة الحوار الفلسطيني الشامل المزمع عقده في القاهرة.
في المقابل، يرى أحمد رفيق عوض، رئيس مركز القدس للدراسات، أن مؤتمر القاهرة المقبل سيشكل محطة مفصلية في تحديد مستقبل غزة السياسي والأمني، لا سيما في ظل تبني إدارة ترامب خطة تتضمن “الانسحاب الإسرائيلي المنظم، ونشر قوات عربية، ثم تفكيك السلاح الثقيل”.
يأتي هذا الجدل حول سلاح حماس في وقتٍ تشهد فيه شرم الشيخ ومناطق أخرى مفاوضات مكثفة بين إسرائيل والحركة، برعاية مصرية وقطرية وأميركية ومشاركة تركية، أسفرت عن إقرار المرحلة الأولى من الخطة الأميركية لوقف الحرب.
لكنّ مصير سلاح حماس يبقى الاختبار الأصعب أمام الأطراف كافة:
فبالنسبة لواشنطن وتل أبيب، يعدّ تفكيك السلاح ضمانًا لأمن إسرائيل واستقرار الترتيبات الجديدة.
أما بالنسبة للفصائل الفلسطينية، فهو رمز البقاء ومصدر القوة السياسية في أي نظام قادم.
وبين “الشرعية الوطنية” و”الشرط الدولي”، يبدو أن المرحلة المقبلة من اتفاق غزة ستُرسم بميزان دقيق بين الأمن والسيادة، في مشهد يعيد إلى الأذهان تجارب ما بعد الحروب في لبنان والعراق، حيث كانت المعادلة الأمنية هي بوابة السياسة.