في خطوة مثيرة للجدل داخل الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، أعلنت وزارة العدل الإسرائيلية اليوم الجمعة قائمة تضم 250 أسيراً فلسطينياً ستُفرج عنهم بموجب اتفاق التبادل المرتبط بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. إلا أن غياب أبرز الأسماء التي كانت تطالب بها حركة حماس، مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات وحسن سلامة، أثار تساؤلات حول طبيعة الصفقة وحدودها السياسية والإنسانية.
تأتي هذه الخطوة بعد ساعات قليلة من مصادقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق، الذي يتضمن تبادلاً للأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحماس، في إطار تفاهمات الهدنة الجارية بوساطة دولية وإقليمية.
وقد نشرت وزارة العدل الإسرائيلية تفاصيل الأسماء، مشيرة إلى أن القائمة تضم 250 فلسطينياً، معظمهم من المعتقلين على خلفيات أمنية متفاوتة، دون الإشارة إلى أي من القيادات البارزة أو أصحاب الأحكام العالية.
وأكدت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، شوش بدرسيان، أن مروان البرغوثي، القيادي البارز في حركة فتح والمحكوم بخمس مؤبدات، لن يكون ضمن المفرج عنهم. كما استُبعد من الصفقة الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، والقيادي في حركة حماس حسن سلامة، رغم إدراج أسمائهم ضمن مطالب حماس خلال جولات التفاوض السابقة.
من جهة أخرى، كشفت مصادر إسرائيلية أن جثتي يحيى السنوار وشقيقه محمد، اللذين استشهدوا في مايو الماضي، لن تكونا ضمن الصفقة، ما يعني أن ملف المفقودين والقتلى ما زال معلقاً ولم يُحسم في إطار الاتفاق الحالي.
وتشير معطيات ميدانية إلى أن إسرائيل فضّلت إدراج معتقلين من الفئات الأقل خطورة أو من أصحاب الأحكام القصيرة، تجنباً لانتقادات داخلية من المعارضة اليمينية، التي تعتبر أن إطلاق سراح قادة المقاومة يشكل "تنازلاً استراتيجياً" و"هدية لحماس".
في المقابل، ترى مصادر فلسطينية أن الصفقة الحالية تكرس الطابع المرحلي للتفاهمات، وقد تكون مقدمة لمفاوضات أوسع تشمل رموزاً كبرى في حال تم تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم.
يُعد مروان البرغوثي أحد أبرز رموز الحركة الوطنية الفلسطينية، إذ يُنظر إليه على نطاق واسع كخليفة محتمل للرئيس محمود عباس، بينما يمثل أحمد سعدات رمزاً للتيار اليساري المقاوم، وحسن سلامة أحد أبرز العقول الأمنية في كتائب القسام.
إقصاؤهم من الصفقة الحالية يُفسَّر إسرائيلياً كضمانة لتفادي "تعزيز معسكر المقاومة" بعد الهدنة، فيما تعتبره حماس دليلاً على أن إسرائيل لا تزال تراوغ في تنفيذ تفاهمات التبادل، وأن المرحلة المقبلة ستشهد جولة تفاوض جديدة أكثر تعقيداً.
بين قوائم الإفراج وجثامين القادة، وبين شروط حماس وحسابات تل أبيب الداخلية، يبدو أن صفقة التبادل الأخيرة لم تُغلق ملف الأسرى بقدر ما أعادت فتحه على مصراعيه. ومع غياب البرغوثي وسعدات وسلامة، تظل القضية رهينة المساومات السياسية، فيما ينتظر الشارع الفلسطيني خطوات أكثر جدية تعيد رموزه إلى الحرية.