في تحول سياسي وعسكري هو الأبرز منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي رسميًا دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم الجمعة، في خطوة وُصفت بأنها نهاية مرحلة دامية وبداية تسوية مشروطة تتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين وانسحاب القوات من معظم مناطق القطاع.
أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان عاجل أن قوات الجيش تموضعت على خطوط انتشار جديدة وفقًا للاتفاق، موضحًا أن الهدف هو تفادي الاحتكاكات وضمان تنفيذ بنود وقف إطلاق النار بسلاسة.
وجاء في البيان تحذيرات موجهة إلى سكان غزة بعدم الاقتراب من مناطق تمركز القوات الإسرائيلية في شمال وشرق القطاع، لافتًا إلى أن التحرك بين الجنوب والشمال سيكون متاحًا عبر طريق الرشيد وصلاح الدين فقط.
وأضاف المتحدث أن الاقتراب من بيت لاهيا وبيت حانون والشجاعية يشكل خطرًا كبيرًا، كما حذّر من الاقتراب من معبر رفح ومحور فيلادلفيا ومناطق خانيونس. وشدد البيان على أن المنطقة البحرية المحاذية لغزة ما زالت مصنفة “خطرة”، مؤكدًا أن الصيد والسباحة محظوران حتى إشعار آخر.
في المقابل، نقلت القناة 12 العبرية عن مصادر مطلعة أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية، يُلزم حركة حماس بتسليم المحتجزين الإسرائيليين خلال 72 ساعة، وذلك ضمن ما وصفته القناة بـ"خطة ترامب" لإعادة الاستقرار إلى غزة.
أما هيئة البث الإسرائيلية، فأشارت إلى أن عملية إطلاق سراح الرهائن ستتم تدريجيًا على أن تكتمل بحلول الاثنين المقبل عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا، وهو الموعد الذي سيُعلن فيه رسميًا انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق.
مصادر رسمية إسرائيلية أكدت أن الحكومة الإسرائيلية عقدت جلسة طارئة فجر الجمعة، أقرت خلالها “اتفاق إنهاء الحرب في غزة”، بما يشمل انسحابًا مرحليًا للقوات الإسرائيلية خلال 24 ساعة، يتبعه تبادل للأسرى والمحتجزين بين الجانبين.
وأوضحت تلك المصادر أن الاتفاق ينص على إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة مقابل إجراءات إنسانية ورفع تدريجي لبعض القيود عن القطاع، إلى جانب التفاهم على آليات مراقبة تنفيذ وقف النار بإشراف أطراف دولية.
تأتي هذه التطورات بعد أكثر من عام على التصعيد الإسرائيلي في غزة، الذي أسفر عن آلاف الضحايا ودمار واسع للبنية التحتية، وسط ضغوط دولية متزايدة على تل أبيب لوقف العمليات العسكرية.
وتعد هذه المرة الأولى التي تُعلن فيها إسرائيل بشكل رسمي عن اتفاق متكامل لإنهاء الحرب، بعد فشل عدة جولات تفاوضية في القاهرة والدوحة خلال الأشهر الماضية.
الاتفاق الحالي يعكس تحولًا في الموقف الإسرائيلي تحت ضغط أمريكي ودولي، إضافة إلى إدراك المؤسسة العسكرية لصعوبة تحقيق حسم ميداني في غزة.
في المقابل، يعتبر محللون فلسطينيون أن الاتفاق، رغم كونه خطوة نحو التهدئة، إلا أنه لا يعالج جذور الأزمة السياسية والإنسانية، محذرين من أن استمراره مرهون بمدى التزام إسرائيل ببنوده وعدم خرقها له كما حدث في تجارب سابقة.
بينما يترقب الفلسطينيون بقلق وحذر تنفيذ الاتفاق، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مستقبل غزة بعد وقف النار:
هل تمهد هذه الخطوة لتسوية سياسية شاملة، أم أنها مجرد هدنة مؤقتة لالتقاط الأنفاس قبل جولة جديدة من الصراع؟
في كل الأحوال، فإن الهدوء الذي يسود غزة اليوم يبدو هشًا، لكنه قد يشكل فرصة نادرة لإنقاذ ما تبقى من أمل في إنهاء حرب طاحنة استمرت لأشهر طويلة، وتركت جرحًا عميقًا في الوعي الفلسطيني والعالمي