أثار التقرير الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية حول دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره الأمريكي دونالد ترامب لزيارة القاهرة، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، اهتمامًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية في تل أبيب.
الصحيفة رأت في الخطوة المصرية إشارة رمزية عميقة تتجاوز البروتوكول الدبلوماسي، معتبرة أنها تعكس عودة مصر إلى موقعها التقليدي كقوة مركزية في إدارة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
بحسب التقرير العبري، فإن الرئيس السيسي أشرف شخصيًا على المفاوضات التي جرت في شرم الشيخ من قصره في القاهرة، في مؤشر على انخراط مصري مباشر في تفاصيل الاتفاق بين حماس وإسرائيل.
ورأت الصحيفة أن هذا الدور يعيد لمصر مكانتها التي تراجعت خلال السنوات الأخيرة في ظل تعدد الوسطاء الإقليميين، خصوصًا قطر وتركيا.
وقالت يديعوت أحرونوت إن “مصر تستعيد فجأة المكانة الرفيعة التي فقدتها، وتقدّم نفسها كضامن رئيسي لاستقرار المنطقة، لا سيما في الملف الفلسطيني”.
اختيار السيسي أن يوجه الدعوة إلى ترامب خلال حفل تخرج أكاديمية الشرطة لم يكن — بحسب الصحيفة — مصادفة.
الاحتفال الذي ضمّ مئات الضباط والجنود الذين شاركوا في مكافحة الإرهاب في سيناء، يحمل دلالة أمنية وسياسية مزدوجة:
فمن جهة، يربط بين نجاح مصر في استعادة الأمن الداخلي ودورها الخارجي في تثبيت التهدئة بغزة، ومن جهة أخرى، يبعث برسالة إلى إسرائيل مفادها أن الأمن في سيناء وغزة مترابطان ولا يمكن فصلهما.
ترامب ونوبل للسلام.. الحسابات الخفية
توقفت يديعوت أحرونوت عند ما وصفته بـ"الذكاء الدبلوماسي المصري" في توقيت الدعوة الموجهة إلى ترامب، قبل ساعات من إعلان جائزة نوبل للسلام لعام 2025.
وقالت الصحيفة إن القاهرة تدرك شغف ترامب بالحصول على الجائزة، وترى أن إشراكه في حفل توقيع اتفاق غزة يمنحه فرصة رمزية لتسويق نفسه كصانع سلام، في وقت يسعى فيه إلى تعزيز موقعه الدولي قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة.
واعتبرت أن “عين ترامب الكبيرة تحدّق في لجنة نوبل في أوسلو، والساعة تدقّ”.
ورجّحت الصحيفة أن الأيام المقبلة قد تشهد تحسنًا علنيًا في مستوى التواصل بين القاهرة وتل أبيب، عبر اتصال رسمي بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو ربما لقاء مباشر بين الجانبين، بعد فترة من التواصل الهادئ خلف الكواليس.
وأشارت إلى أن العلاقة بين الطرفين قائمة منذ سنوات على تبادل المعلومات الأمنية والتنسيق الاستخباراتي، ما يجعل استئناف اللقاءات العلنية “مجرد مسألة توقيت”.
يأتي هذا التطور بعد أن نجحت الوساطة المصرية في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد أسابيع من التصعيد العسكري بين إسرائيل وحركة حماس.
الاتفاق الذي وُقّع برعاية القاهرة، وبتنسيق أمريكي–أممي، تضمن ترتيبات إنسانية وأمنية جديدة، أبرزها فتح المعابر ووقف الغارات الإسرائيلية مقابل التزام الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق الصواريخ.
استعادة مصر لدورها كوسيط أساسي في هذا الملف تعكس تحوّلًا في موازين القوى الإقليمية، وتعيد التأكيد على موقع القاهرة كـ"بوابة الاستقرار" في المنطقة.