تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية جولة تفاوضية حساسة تُعيد إلى الواجهة معادلة الحرب والسلام في غزة، وسط ضغوط إقليمية ودولية متشابكة. فبعد شهور من التصعيد الميداني، تبدو مفاوضات اليوم الثاني بمثابة اختبار حقيقي لقدرة الوسطاء على تحويل الهدوء المؤقت إلى اتفاق دائم يضع حداً للحرب، ويطلق مساراً سياسياً جديداً يقوم على صفقة تبادل الأسرى والانسحاب الإسرائيلي من القطاع. وبينما تحاول الأطراف الحفاظ على لغة “التفاؤل الحذر”، يظل عمق الخلافات بين "حماس" وإسرائيل حول القضايا الجوهرية، كالأسرى وخطوط الانسحاب، مؤشراً على أن الطريق إلى التسوية لا يزال مليئاً بالعقبات.
مطالب "حماس"وقف القصف وضمانات دولية:
وفق قناة الشرق، أكدت مصادر قريبة من وفد "حماس" أن الحركة طالبت بوقف فوري للقصف والطيران الإسرائيلي في سماء غزة، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لتسهيل الوصول إلى المحتجزين الإسرائيليين تمهيداً للتبادل.
كما شددت "حماس" على ضرورة وجود ضمانات أميركية ودولية تضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار وعدم استئناف العمليات العسكرية بعد تسليم الأسرى.
أكد أحد قياديي الحركة للشرق إن "حماس حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل، لكنّ التجارب السابقة تجعلها تتعامل بحذر مع الوعود الإسرائيلية".
وأضاف أن المفاوضات الحالية تهدف إلى "تهيئة الظروف الميدانية لنقل المحتجزين وبدء عملية التبادل وفق جدول زمني واضح".
الموقف الإسرائيلي: رفض إطلاق سراح القيادات البارزة
على الجانب الآخر، تصر إسرائيل على رفض الإفراج عن مقاتلي النخبة في كتائب القسام، خاصة من شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر 2023، كما تطالب بحق الفيتو على قوائم الأسماء التي تقترحها حماس، بما في ذلك ما يُعرف بـ"السبعة الكبار" من القيادات الفلسطينية البارزة داخل السجون الإسرائيلية.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني إسرائيلي أن المحادثات ستركّز في المرحلة الأولى على إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين فقط، على أن يُمنح وفد حماس بضعة أيام لإتمام العملية، مشيراً إلى أن تل أبيب لن تتراجع عن حدود الانسحاب إلى ما يسمى بالخط الأصفر المحدد في خطة ترمب.
ترمب: "الكثير من حسن النية"
في موازاة ذلك، عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق قريب.
وقال في مقابلة مع شبكة News Max الأميركية:أعتقد أننا قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق. هناك الكثير من حسن النية بين الأطراف، والعالم بأسره يدعم هذه الخطة."
ووصف ترمب الاتفاق المرتقب بأنه "خاص جداً لأنه سيجلب السلام إلى الشرق الأوسط"، مضيفاً أن حركة "حماس" أبدت مرونة في النقاط الجوهرية.
ورغم تفاؤله، أقرّ ترمب بأن المهلة المحددة بـ72 ساعة لعودة جميع المحتجزين "قد لا تكون ممكنة عملياً"، خصوصاً في ما يتعلق بجثامين القتلى المدفونين تحت أنقاض القطاع.
الملفات الشائكة على طاولة اليوم الثاني:
تشير التسريبات من الوفود المشاركة إلى أن قضيتين أساسيتين تهيمنان على اليوم الثاني من المفاوضات:
1. تحديد هوية الأسرى الفلسطينيين الذين تشملهم صفقة التبادل، وما إذا كانت تشمل القيادات السياسية والعسكرية البارزة.
2. تثبيت حدود الانسحاب الإسرائيلي الأولي من بعض مناطق قطاع غزة، وهو البند الأكثر حساسية في المرحلة الأولى من تنفيذ خطة ترمب.
كما تبقى مطالب حماس بوقف الطيران الإسرائيلي والاستطلاع الجوي، ووقف القصف، من أبرز نقاط الضغط على طاولة الوساطة المصرية – القطرية.
قراءة تحليلية: تفاوض على الحافة
تكشف مفاوضات شرم الشيخ أن الطريق إلى تسوية شاملة لا يزال مليئاً بالعقبات.
فإسرائيل تحاول كسب الوقت عبر التركيز على قضية المحتجزين، بينما تسعى "حماس" إلى ربط أي اتفاق بوقف شامل للحرب وضمانات مكتوبة، وهو ما تخشى تل أبيب أن يحدّ من حرية عملياتها العسكرية.
وبين ضغوط الوسطاء ورغبة ترمب في تحقيق اختراق دبلوماسي قبل الانتخابات الأميركية، يبدو أن المفاوضات دخلت مرحلة دقيقة قد تحدد مصير الحرب وملامح ما بعد غزة.
أبرز نقاط الخلاف بين إسرائيل و"حماس":
1_هوية الأسرى الفلسطينيين المشمولين في الصفقة.
إصرار إسرائيل على حق النقض في إدراج "السبعة الكبار".
2_الخلاف حول "الخط الأصفر" كحدّ انسحاب أولي.
3_مطلب "حماس" بوقف القصف والطيران الحربي والاستطلاع.