في ذكرى النصر.. السيسي يلقّن إسرائيل درسًا جديدًا في التوقيت والمعنى

أماني إبراهيم

2025.10.06 - 02:21
Facebook Share
طباعة

في يوم يحمل رمزية لا تخطئها العين، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن مصر وجّهت "صفعة رمزية" لإسرائيل باختيارها توقيت بدء محادثات شرم الشيخ لإنهاء حرب غزة، بالتزامن مع الذكرى الثانية والخمسين لانتصار السادس من أكتوبر 1973 — اليوم الذي شهد أكبر هزيمة عسكرية لإسرائيل في تاريخها الحديث.

توقيت يثير الجدل في تل أبيب

وأفادت الصحيفة أن القرار المصري ببدء المفاوضات يوم الاثنين 6 أكتوبر 2025 لم يمر مرور الكرام في الأوساط الإسرائيلية، إذ أثار موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي داخل مصر، واعتبره كثير من النشطاء "تذكيرًا مهينًا لإسرائيل بتاريخ هزيمتها"، خصوصًا وأن الوفد الإسرائيلي غادر إلى مصر في التوقيت نفسه الذي بدأت فيه حرب أكتوبر قبل 52 عامًا — حوالي الساعة الثانية ظهرًا.

وقالت يديعوت أحرونوت:

"المصريون ربطوا بين موعد المفاوضات وأحداث حرب أكتوبر، ووصفوا الأمر بأنه جزء من الاحتفالات الرسمية بانتصار الجيش المصري على إسرائيل."

رمزية “الساعة صفر”.. من العبور إلى التفاوض

بعض رواد مواقع التواصل اقترحوا، في تعليقات ساخرة، أن تُفتتح جلسة المفاوضات بنفس التوقيت الذي بدأت فيه ضربة العبور التاريخية عام 1973، أو حتى أن تتم دعوة الوفد الإسرائيلي إلى زيارة سيناء كجزء من "احتفالات النصر"، في إشارة رمزية إلى الأرض التي استعادت مصر سيادتها عليها بعد سنوات من الاحتلال الإسرائيلي.

في المقابل، علّقت الصحيفة العبرية أن هذه "المفارقة" الزمنية أثارت استياء بعض المعلقين الإسرائيليين، الذين اعتبروا أن القاهرة تعمدت اختيار التوقيت لإرسال رسالة سياسية مزدوجة:

الأولى إلى الداخل المصري — تأكيد على ثبات رمزية نصر أكتوبر، والثانية إلى الخارج — أن مصر تفاوض إسرائيل من موقع المنتصر لا التابع.

السيسي يحيي النصر.. وتل أبيب تراقب بحذر

وأوضحت يديعوت أن الرئيس عبد الفتاح السيسي بدأ صباح اليوم احتفالات الذكرى بزيارة قبر الجندي المجهول وقبري الرئيسين أنور السادات وجمال عبد الناصر، قبل أن يعقد اجتماعًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في أجواء احتفالية وطنية.

وأضافت أن المصريين اعتادوا اعتبار يوم السادس من أكتوبر عطلة رسمية، لكن هذا العام تم تأجيل الإجازة إلى التاسع من الشهر لأسباب تتعلق بدمجها مع عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما أثار تساؤلات في إسرائيل حول ما إذا كان القرار “مقصودًا” لتجنب أي التباس مع أحداث السابع من أكتوبر 2023، أي ذكرى هجوم حماس الذي هزّ الكيان الإسرائيلي.

خبيرة إسرائيلية: مصر تفصل بين نصرها وهزيمة إسرائيل الجديدة

ونقلت الصحيفة عن الدكتورة بشمت ييفت، المحاضرة بجامعة “أريئيل” في تل أبيب، قولها إن هذا الفصل الزمني "يبدو كأنه رسالة واضحة بأن مصر لا تريد أن تختلط ذكرى نصرها العسكري عام 1973 بذكرى انهيار إسرائيل الأمني في 2023".

وقالت ييفت في حديثها لموقع Ynet إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر "أعاد للأذهان داخل مصر رمزية حرب أكتوبر"، مضيفة أن كثيرين في الشارع المصري اعتبروا ما جرى استمرارًا لإرث العبور والانتصار على الاحتلال.

الوفود في شرم الشيخ.. وتخوّف مصري من الخداع الإسرائيلي

وبحسب التقرير، فقد وصل إلى شرم الشيخ مساء الأحد وفد حركة حماس برئاسة خليل الحية، فيما يتوقع وصول وفد إسرائيلي يضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ومستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب — جاريد كوشنر وستيف ويتكوف — لمتابعة تفاصيل المفاوضات غير المباشرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن القاهرة تبدي قلقًا من “المفاجآت الإسرائيلية”، سواء في مسألة الانسحاب الميداني أو التعامل مع ملف سلاح حماس، مؤكدة أن مصر تعمل في الوقت نفسه على تسريع جهود المصالحة الفلسطينية واستضافة قمة للفصائل قريبًا من أجل حسم هذا الملف قبل أن يتحول إلى ذريعة جديدة للمماطلة الإسرائيلية.

رسالة مصرية بثلاث لغات

يرى محللون أن ما حدث اليوم في شرم الشيخ لم يكن مجرد صدفة بروتوكولية، بل رسالة سياسية بثلاث لغات:

بلغة التاريخ – مصر لم تنس هزيمة إسرائيل في 1973 ولن تتنازل عن سرديتها الوطنية.

بلغة السياسة – القاهرة تفاوض من موقع سيادي لا تابع، وتستثمر رمزيتها لتثبيت دورها الإقليمي.

بلغة السخرية – اختيار التوقيت والرمزيات العسكرية يُفهم في تل أبيب على أنه “سخرية محسوبة” من إسرائيل في يوم نكستها التاريخية.

 

بينما تواصل إسرائيل محاولاتها لإعادة رسم قواعد الصراع في غزة، جاء يوم السادس من أكتوبر 2025 ليذكّرها بأن الزمن لا يغيّر الحقائق التاريخية — وأن العبور الذي أذلّ جيشها قبل نصف قرن ما زال حاضرا في الذاكرة المصرية والعربية.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه تل أبيب عن “ضمانات أمنية” و“جداول انسحاب”، يرد المصريون بطريقتهم الخاصة: بالتاريخ... والسخرية... والرمز. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6