صفقة غزة تكشف عقدة إسرائيل الدائمة.. البرغوثي خارج الحسابات بأمر من نتنياهو

2025.10.06 - 11:38
Facebook Share
طباعة

كشفت القناة 14 العبرية عن تفاصيل جديدة تتعلق بموقف حكومة الاحتلال الإسرائيلي من صفقة تبادل الأسرى المرتقبة مع حركة حماس، مؤكدة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعهد صراحة بعدم إدراج اسم القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي في أي مرحلة من مراحل الصفقة، رغم الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة.

وبحسب التقرير، جاء هذا التعهّد خلال اجتماع مطوّل عقد في القدس مساء الأحد، جمع نتنياهو بكلٍّ من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، واستمر لأكثر من ساعتين. وشهد اللقاء مناقشة موسّعة حول الملامح الأولية لصفقة الرهائن التي يجري بحثها بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، إضافة إلى مستقبل العمليات العسكرية في غزة عقب تنفيذ الصفقة.

نتنياهو يرضخ لضغوط اليمين المتطرف

ووفق مصادر حضرت الاجتماع، أوضح نتنياهو بشكل قاطع أن "رموز الإرهاب وعلى رأسهم مروان البرغوثي" – بحسب وصفه – لن يُفرج عنهم تحت أي ظرف، سواء في المرحلة الأولى من الصفقة أو في مراحل لاحقة، وهو ما اعتبره مراقبون تنازلًا سياسيًا لصالح اليمين الديني المتشدد داخل حكومته.

وأكدت القناة أن هذا الالتزام كان تعهدًا شخصيًا من نتنياهو لبن غفير، في وقت يحاول فيه رئيس الوزراء الحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم وسط تصاعد الانتقادات له من المعارضة الإسرائيلية، ومن عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين يطالبون بإتمام الصفقة بأي ثمن.

مخاوف من تفكك الحكومة واشتداد الخلافات الداخلية

وخلال الاجتماع، ركّز كل من بن غفير وسموتريتش على ضمان استمرار العمليات العسكرية ضد المقاومة الفلسطينية في غزة، حتى بعد الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين في المرحلة الأولى من الاتفاق. ورد نتنياهو بالتأكيد أن "جيش الاحتلال سيتمتع بحرية عمل كاملة" داخل القطاع، بما في ذلك الحق في إعادة اقتحام المناطق المنسحب منها في حال خرق التفاهمات.

لكن مراقبين رأوا في هذا الرد محاولة مزدوجة لطمأنة الجناح اليميني في الحكومة من جهة، ولتقديم رسائل إلى الوسط السياسي الإسرائيلي بأنه لن يقدّم أي تنازل جوهري للمقاومة الفلسطينية، خصوصًا فيما يتعلّق بإطلاق سراح القيادات الأسيرة التي تعتبرها إسرائيل رموزًا وطنية مؤثرة.

الصفقة في مأزق سياسي وأخلاقي

وأوضحت القناة أن بن غفير أعرب عن تشكيكه في دور الوسطاء الإقليميين، لا سيما مصر وقطر، معتبرًا أن الثقة بالضمانات الدولية "خطر على أمن إسرائيل". أما نتنياهو، فأكد أن حكومته ستحصل على "ضمانات كافية وحرية حركة كاملة" بعد تنفيذ الصفقة.

لكنّ مراقبين في تل أبيب حذّروا من أن تشدد نتنياهو تجاه ملف الأسرى الفلسطينيين قد يعرقل المفاوضات الجارية في شرم الشيخ، ويقود إلى إفشال جهود الوسطاء، خاصة أن حركة حماس تتمسك بالإفراج عن الأسرى القادة مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وعبد الله البرغوثي، ضمن قائمة الشروط الأساسية.

محاولات لفرض أجندة اليمين المتطرف

كما كشفت القناة أن بن غفير وسموتريتش أثارا خلال الاجتماع قضية "تشجيع الهجرة من قطاع غزة" كخيار طويل الأمد لحل الأزمة، في طرحٍ يعبّر عن عقلية الإقصاء والتهجير التي يتبناها اليمين الإسرائيلي. إلا أن نتنياهو لم يبدِ التزامًا واضحًا بهذا الطرح، واكتفى بالقول إنّ المسألة "تحتاج إلى دراسة وتوقيت مناسب"، ما يعكس تخوفه من ردود الفعل الدولية.

ويرى محللون أن هذا الاجتماع يعكس تزايد نفوذ اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية، وأن نتنياهو بات أسير تحالفات أيديولوجية تمنعه من اتخاذ قرارات مرنة، خصوصًا في الملفات الحساسة المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين ووقف إطلاق النار.

المقاومة تترقب.. وإسرائيل في مأزق

وبينما تحاول تل أبيب إظهار تماسكها السياسي، تؤكد مصادر فلسطينية أن المقاومة في غزة تتابع هذه الخلافات عن كثب، وتدرك أن تشدد نتنياهو يخدم موقفها التفاوضي، إذ يُظهر عمق الانقسام داخل حكومة الاحتلال، وضعف قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة دون رضوخ للضغوط الداخلية.

ويرى مراقبون أن رفض نتنياهو إطلاق سراح البرغوثي وغيره من القادة الفلسطينيين لا يعكس فقط تصلب الموقف الإسرائيلي، بل أيضًا خوف المؤسسة الأمنية من عودة هذه الرموز إلى الساحة السياسية الفلسطينية، لما يمثّلونه من ثقل شعبي قد يعيد تشكيل المشهد الوطني الفلسطيني بعد الحرب.

وفي ظل هذه المعطيات، تبدو صفقة التبادل المرتقبة رهينة للمزايدات السياسية داخل إسرائيل، في حين تستمر المقاومة في فرض معادلة الصمود على الأرض، وتجبر الاحتلال على التفاوض من موقع المأزق وليس القوة. ..

من هو مروان البرغوثي؟ الرمز الأسير الذي تخشاه إسرائيل

يُعدّ مروان البرغوثي أحد أبرز القيادات الفلسطينية التاريخية وأكثرها تأثيرًا في العقود الأخيرة، وهو اسم يتردّد بقوة في كل مفاوضات تتعلق بالأسرى أو المصالحة الوطنية الفلسطينية، لما يمثّله من رمزية نضالية وشعبية جارفة داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها.

البدايات والنشاط السياسي

وُلد البرغوثي في قرية كوبر قرب رام الله عام 1959، وانخرط في صفوف حركة فتح منذ سن مبكرة، حيث بدأ نشاطه السياسي في الجامعة بيرزيت التي انتخب لاحقًا رئيسًا لمجلس طلبتها، وكان من القيادات البارزة في الانتفاضة الأولى (1987)، ما جعله هدفًا دائمًا لملاحقة قوات الاحتلال الإسرائيلي.

تعرض للاعتقال عدة مرات في الثمانينيات، وأُبعد إلى الأردن عام 1987، لكنه عاد إلى الضفة الغربية بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1994، وتولى مواقع قيادية في حركة فتح والمجلس التشريعي الفلسطيني.

الانتفاضة الثانية ودوره في المقاومة

مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، برز اسم البرغوثي كأحد العقول التنظيمية والسياسية التي نسّقت بين الفصائل الميدانية، وساهمت في تشكيل كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لفتح.
اتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن تنظيم عمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية داخل الخط الأخضر، ما جعله هدفًا رئيسيًا لجهاز "الشاباك" والجيش الإسرائيلي.

الاعتقال والحكم عليه بالسجن المؤبد

في أبريل 2002، وخلال عملية اجتياح واسعة للمدن الفلسطينية عُرفت باسم عملية السور الواقي، اعتقل الاحتلال مروان البرغوثي في رام الله بعد مطاردة استمرت شهورًا.
وفي عام 2004، أصدرت محكمة إسرائيلية حكمًا بسجنه خمسة مؤبدات وأربعين عامًا إضافية، بتهم تتعلق بـ"المسؤولية عن قتل إسرائيليين"، رغم نفيه المشاركة المباشرة في أي عمليات.

رفض البرغوثي الاعتراف بشرعية المحكمة الإسرائيلية، وأعلن أنه أسير حرب يمثل الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والاستقلال.

رمزية داخلية تتجاوز الفصائل

منذ اعتقاله، تحوّل البرغوثي إلى رمز وطني جامع في الشارع الفلسطيني، ويحظى بتأييد واسع من مختلف التيارات، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، رغم انتمائه التنظيمي لفتح.
وترى فيه قطاعات واسعة من الفلسطينيين الخيار الأجدر لقيادة الحركة الوطنية في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، نظرًا لتاريخه النضالي وقدرته على الجمع بين المقاومة والسياسة.

هاجس إسرائيلي دائم

تخشى المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل من إطلاق سراح البرغوثي ضمن أي صفقة تبادل، ليس فقط بسبب خلفيته النضالية، بل لأنه يُعتبر القائد الفلسطيني الوحيد القادر على توحيد الصف الداخلي وتشكيل تهديد سياسي استراتيجي لإسرائيل على المدى الطويل.
ويرى محللون إسرائيليون أن عودة البرغوثي إلى الساحة السياسية قد تُعيد بناء حركة فتح على أسس مقاومة، وتُعيد إحياء فكرة الوحدة الوطنية التي تعمل تل أبيب على تفكيكها منذ سنوات.

الموقف الفلسطيني

من جانبها، تتمسك الفصائل الفلسطينية – وفي مقدمتها حماس والجهاد الإسلامي – بإدراج اسم البرغوثي في أي صفقة تبادل قادمة، معتبرة أن الإفراج عنه قضية رمزية لا تقل أهمية عن الإفراج عن مئات الأسرى الآخرين.
وفي استطلاعات الرأي المتكررة، يحتل البرغوثي المركز الأول بين الشخصيات الفلسطينية التي يُفضّلها الشارع لرئاسة السلطة الفلسطينية في حال أجريت انتخابات حرة، متقدمًا بفارق كبير على عباس وغيره من القيادات التقليدية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9