شهد ريف حلب الشرقي مساء الأحد تصعيداً عسكرياً جديداً بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش السوري، في حلقة جديدة من التوتر المتكرر بين الطرفين على خطوط التماس الممتدة في شمال البلاد.
وبحسب المعلومات الميدانية، أطلقت قوات “قسد” قذائف على بلدتي رسم الإمام الحرمل وشويليخ في منطقة دير حافر شرق محافظة حلب، ما أدى إلى أضرار مادية دون تسجيل إصابات بشرية.
وفي ردٍّ على هذا الاستهداف، شنّ الجيش السوري هجمات عبر طائرات مسيّرة استهدفت مواقع تابعة لـ"قسد" في المنطقة نفسها، في تطور يُعد من المرات النادرة التي يستخدم فيها الجيش هذا النوع من السلاح في الاشتباكات مع القوات المنتشرة شمال شرقي البلاد.
تبادل الاتهامات والتصريحات الرسمية
أصدرت وزارة الدفاع السورية بياناً نفت فيه ما تردد عن استهداف الجيش لمناطق سكنية في دير حافر. وأكدت أن القوات الحكومية “تمارس أعلى درجات ضبط النفس”، مشيرة إلى أن الردّ الذي نفذته الوحدات العسكرية اقتصر على “مصادر النيران التي استهدفت القرى الآمنة شرق حلب”.
وأضافت الوزارة أن “قوات سوريا الديمقراطية تحاول تغطية اعتداءاتها بحق المدنيين من خلال ترويج مزاعم مضلّلة”، مشددة على أن الجيش يحتفظ بحقه في الرد على أي استهداف يصيب المدنيين أو المواقع العسكرية في تلك المنطقة.
من جانبها، لم تصدر “قسد” بياناً رسمياً حتى الآن حول التطورات الأخيرة، إلا أن مصادر محلية في المناطق الخاضعة لسيطرتها تحدثت عن قصف طال مواقع عسكرية لها قرب بلدة حميمة، ما أسفر عن خسائر محدودة في المعدات دون وقوع إصابات بشرية.
خلفية التصعيد
يأتي هذا التصعيد بعد أسابيع من حوادث مشابهة شهدها الريف الشرقي لحلب. ففي أواخر أيلول الماضي، قُتل عنصران من الجيش السوري إثر استهداف موقع لهم من قبل “قسد”، كما قُتل مدني وأصيب آخرون في قصف مماثل استهدف قريتي الكيارية ورسم الأحمر في المنطقة ذاتها.
وتعتبر مناطق شرق حلب من أكثر الجبهات حساسية في شمال سوريا، إذ تشكل نقطة تماس مباشرة بين مناطق سيطرة “قسد” المدعومة من التحالف الدولي، والقوات الحكومية . وغالباً ما تشهد هذه المناطق تبادلاً للقصف المدفعي والصاروخي، دون أن يتطور الأمر إلى مواجهات برية واسعة النطاق.
ويشير محللون إلى أن استخدام الجيش السوري للمسيّرات في الردّ على “قسد” يمثل رسالة مزدوجة، مفادها أن دمشق مستعدة للردّ عسكرياً على أي خرق أمني، لكنها في الوقت نفسه تسعى إلى ضبط مستوى التصعيد ضمن الحدود التي لا تؤدي إلى صدام مباشر واسع.
في المقابل، تسعى “قسد” إلى تثبيت وجودها العسكري والإداري في المناطق الواقعة على ضفة الفرات الشرقية، وتعتبر أن أي قصف يستهدف مواقعها محاولة للضغط عليها سياسياً في ظل المفاوضات غير المعلنة مع الحكومة السورية.