إلغاء رموز الذاكرة الوطنية.. دلالات مرسوم الشرع الجديد في سوريا

2025.10.05 - 07:42
Facebook Share
طباعة

أثار المرسوم رقم 188 لعام 2025، الصادر عن رئيس الإدارة السورية الحالية أحمد الشرع، موجة واسعة من التساؤلات، بعدما ألغى عطلتين وطنيتين تاريخيتين هما ذكرى حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 وعيد الشهداء في 6 مايو/أيار. القرار الذي أعاد صياغة خريطة العطل الرسمية في البلاد، لم يكن مجرد خطوة إدارية، بل حمل في طيّاته إشارات سياسية ومعنوية عميقة، تتجاوز البعد التنظيمي إلى ما هو رمزي وهويّاتي.

منذ عقود، شكّل عيد الشهداء وذكرى حرب أكتوبر ركيزتين في الوعي الوطني السوري؛ الأولى تجسّد التضحية في مواجهة الحكم العثماني، والثانية ترمز إلى الصراع العربي الإسرائيلي والانتصار العسكري لسوريا ومصر في 1973. لذلك، فإن شطب هاتين المناسبتين من الروزنامة الرسمية يُقرأ كفصلٍ جديد في عملية إعادة تشكيل الذاكرة الوطنية، وربما في إعادة تعريف “الرموز التاريخية” التي تريد الإدارة الحالية تثبيتها في الوعي العام.

المرسوم الجديد أبقى على الأعياد الدينية (الإسلامية والمسيحية) والمناسبات ذات الطابع المدني العام كعيد العمال وعيد الجلاء، لكنه أضاف عيد الثورة السورية وعيد التحرير، ما يعكس توجهاً لتثبيت شرعية رمزية جديدة تستند إلى سردية “التحرير والثورة” بدل رموز الدولة السابقة وحروبها.

على المستوى السياسي، يذهب محللون إلى اعتبار المرسوم محاولة لترسيخ قَطيعة مع إرث الدولة القديمة وتاريخها السياسي والعسكري، خاصة ما يرتبط بالنظام السابق ورموزه القومية. أما اجتماعياً، فقد أثار القرار مشاعر متباينة بين فئات السوريين، بين من رأى فيه “طمساً لذاكرة وطنية مشتركة” وبين من اعتبره خطوة نحو “عصر إداري جديد” يسعى لإعادة تنظيم الحياة العامة بعيداً عن الشعارات التاريخية.

في المحصلة، يبدو أن مرسوم الشرع ليس مجرد إعادة جدولة للعطل، بل جزء من إعادة صياغة للهوية الرسمية السورية ومحاولة لتأسيس سردية جديدة حول الماضي والمستقبل، في وقتٍ لا تزال فيه البلاد تبحث عن توازن بين الذاكرة والواقع، وبين الرموز القديمة ومشروع السلطة الجديدة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8