أزمة السكن في لبنان تتفاقم رغم رفع سقف القروض

2025.10.04 - 10:54
Facebook Share
طباعة

في ظل أزمة السكن المتفاقمة وارتفاع الأسعار في السوق العقاري اللبناني، أعلن مصرف الإسكان عن رفع سقف القرض السكني من 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار، بهدف محاولة تلبية جزء من الاحتياجات المتزايدة للشباب اللبناني، يأتي هذا القرار في سياق ارتفاع أسعار الشقق بشكل حاد، نتيجة تأثيرات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وحركة النزوح الداخلي، وزيادة الطلب في السوق العقاري.

رغم الأهمية الرمزية لهذه الخطوة، فإن القرار يثير تساؤلات حول مدى فاعليته في حل أزمة السكن الحقيقية، لا سيما في ظل شروط صارمة للاستفادة، وتراجع القدرة الشرائية، وغياب طبقة وسطى قوية تستطيع الاستفادة من هذه القروض.

مصرف الإسكان أشار إلى أن القرض الجديد يشمل شراء أو بناء مسكن حتى سقف 100 ألف دولار، أو ترميم عقار بسقف 50 ألف دولار، مع إمكانية دمج أنظمة الطاقة الشمسية ومعالجة المياه ضمن التمويل لكن الاستفادة من القرض مشروطة بعدد من المعايير: أن يكون الدخل الشهري للعائلة بين 2500 و5 آلاف دولار، وأن تتوفر قدرة على تمويل ذاتي بنسبة 20% من قيمة الضمانة، فضلاً عن تقديم مستندات تثبت استمرارية الدخل لمدة سنتين على الأقل، كما أن السداد يكون بالدولار النقدي، بمعدل فائدة 6% سنوياً.

يُنظر إلى هذه الشروط على أنها تضييق هامش المستفيدين، ما يجعل غالبية الشباب اللبناني غير قادر على التقديم، نظراً لانخفاض الأجور وتراجع القدرة الشرائية. حتى القطاعات المدمرة بفعل الحرب، والتي يحتاج أصحابها إلى إعادة بناء أو ترميم مساكنهم، تواجه صعوبة في الاستفادة من القرض، على الرغم من التسهيلات الخاصة لأصحاب الاحتياجات الخاصة.

ويُبرز الخبراء الاقتصاديون والتنمويون أن التأثير الفعلي لهذه الخطوة على السوق العقاري يبقى محدوداً. فحتى مع رفع سقف القرض، فإن القدرة التمويلية للمصرف لا تتجاوز بضع مئات من الطلبات سنوياً، بينما الحاجة الفعلية تصل إلى آلاف القروض.
كما أن الأسعار المرتفعة في مناطق مثل بيروت تجعل القرض غير كافٍ لشراء عقار، حتى بعد مضاعفة الحد الأعلى.

ويرى المطورون العقاريون أن الأزمة الأساسية لا تتعلق بالعرض، بل بالقدرة الشرائية، والتي تتطلب إصلاحاً أكبر في الأجور، أو رفع سقف القروض أكثر من ذلك، إلى جانب تليين الشروط. وقد انعكس هذا الواقع في السوق، حيث تُباع الشقق الكبيرة بينما تبقى الشقق الصغيرة غير مطروحة للبيع، لأن الفئة المستهدفة لم تعد قادرة على شرائها.

كما يشير الخبراء إلى أن غياب إصلاح شامل للنظام المصرفي يعقد مسألة الإقراض السكني. فحتى القروض المدعومة، رغم دعمها من صناديق عربية، تبقى محدودة الأثر ومرهونة بالاستقرار السياسي والمالي، مع مخاطر تتعلق بتراكم الديون، وغياب الحماية القانونية، وهشاشة التمويل في حال تراجع الدعم الخارجي.

في المحصلة، يمثل رفع سقف القروض خطوة إيجابية جزئية، تهدف إلى دعم بعض شرائح الشباب اللبناني في شراء أو ترميم مساكنهم، لكنها تبقى حلاً ترقيعياً، في ظل استمرار المشكلات البنيوية في الاقتصاد، وتراجع القدرة الشرائية، وغياب خطة إسكانية شاملة.

تظل الحاجة قائمة لإعادة النظر في سياسات الإقراض، وربطها بإصلاحات أوسع تشمل الأجور، وتمويل القطاع المصرفي، وتنمية الاستثمارات، لتتمكن القروض السكنية من لعب دور فعلي في تخفيف أزمة السكن، بدلاً من أن تبقى محدودة التأثير ومحصورة بالفئات الأعلى دخلاً. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 9