لبنان في مواجهة تبعات الحرب: خسائر وإصلاحات جزئية
يشهد الاقتصاد اللبناني حالة من التعافي المحدود بعد سلسلة أزمات متراكمة أثرت على مختلف القطاعات الحيوية. على الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية، يظل الاقتصاد محاصراً بين خطوات إصلاحية جزئية وعقبات متعددة، تتعلق بالأوضاع السياسية، البنية التحتية، والقطاع المالي. هذا الوضع يجعل التعافي الاقتصادي هشاً ويحتاج إلى جهود مستمرة لإعادة النشاط إلى مستويات مقبولة.
وفق ما نشره خبراء الاقتصاد، يظهر أن النمو الاقتصادي خلال الفترة الأخيرة لم يصل إلى المستوى المطلوب، رغم تحسن بعض الأنشطة الاستهلاكية والسياحية، الاقتصاد اللبناني يواجه خسائر تقدّر بما يتراوح بين 13 و14 مليار دولار، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، ولم يتمكن النمو الجزئي من تعويضها بشكل فعّال.
القطاعات الاقتصادية الأساسية، ولا سيما الزراعة والصناعة والسياحة، كانت الأكثر تأثراً. القطاع الزراعي لم يستعد عافيته بعد، إذ لا تزال أجزاء من الأراضي غير مستغلة، خاصة في المناطق التي تقع ضمن قيود أمنية. القروض المقدمة لإعادة تنشيط القطاع الزراعي لم تسهم حتى الآن بتحقيق نمو ملموس، ما يعكس حجم الأثر المتبقي للحرب على هذا القطاع الحيوي.
أما القطاع الصناعي، فقد شهد تحسناً طفيفاً مع ارتفاع الصادرات خلال الفترة الأخيرة، لكنه لا يزال يعاني من مشكلات تشغيلية أساسية، وأبرزها أزمة الكهرباء المستمرة. في المقابل، يعد القطاع السياحي الأكثر نشاطاً، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد الزوار مقارنة بالفترة السابقة، رغم العوائق الأمنية التي أثرت على بداية الموسم السياحي.
الاقتصاد الرسمي لم يحقق تقدماً ملموساً، والناتج المحلي الإجمالي لا يزال تحت ضغط الركود، بينما أظهر الاقتصاد غير الرسمي نشاطاً ملحوظاً، خصوصاً في مجالات الاستيراد والاستهلاك المحلي، التحديات التي تواجه لبنان تشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي وحل أزمة الدين العام، جذب الاستثمارات العربية، إصلاح القطاع العام، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
رغم بعض المؤشرات الإيجابية، تبقى حالة الغموض وعدم اليقين تهيمن على المشهد الاقتصادي، مما يحد من قدرة المستثمرين على تقديم الاستثمارات الجديدة، ويؤثر على مستويات الاستهلاك العام. المحاسبة والمساءلة تعتبران عنصراً أساسياً لاستعادة الثقة في المؤسسات، وهو ما يمثل شرطاً ضرورياً لتمكين الاقتصاد اللبناني من استعادة عافيته تدريجياً.
