أثارت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتطبيق اتفاق الطائف كاملاً تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصًا فيما يتعلق بتوقيت هذه الدعوة وأهدافها المحتملة. فقد تساءل البعض عن سبب عدم تطبيق الطائف بشكل كامل منذ إقراره، ولماذا تظهر هذه المطالب الآن، في وقت تجري الاستعدادات للانتخابات النيابية المقبلة. يرى المراقبون أن الدعوة تأتي في سياق أزمات متراكمة في البلاد، وأن تطبيق كامل للطائف قد يُفسّر من زاوية البعض كمدخل لتأجيل الاستحقاق الانتخابي، خاصة بعد أن شغلت هذه المسألة النقاشات السياسية والصالونات المختصة بالشأن اللبناني.
من جانب آخر، يرى مؤيدو دعوة بري هدفها ليس التعطيل، بل تعزيز تطبيق الدستور والنصوص الدستورية التي يضمنها الطائف، بما فيها إلغاء الطائفية السياسية عبر تأسيس مجلس للشيوخ ومجلس نواب خارج القيد الطائفي، ما يُعتبر خطوة إصلاحية نحو نظام أكثر عدالة وتمثيلاً ويؤكد هؤلاء أن الدعوة تأتي استكمالًا لمبادرات سابقة طالما دافع عنها الرئيس بري، وتهدف إلى معالجة الخلل في توزيع السلطات والصلاحيات، بما يضمن التوازن بين الطوائف ويضع أسسًا لمؤسسات أكثر فعالية.
على الجانب الآخر، يرى البعض أن توقيت الدعوة يفتح الباب أمام مزيد من الجدل السياسي وقد يُستغل لتأجيل الانتخابات، خاصة وأن بري يملك قدرة على رفع سقوف النقاش وإعادة تحديد الأولويات السياسية في البلاد.
ويشير هؤلاء إلى أن تطبيق كامل للطائفية السياسية وإلغاء الطائفية يحتاج إلى وقت طويل وتنسيق واسع بين مختلف القوى والمثقفِين، بما في ذلك إنشاء هيئة وطنية متخصصة، ما يجعل من تنفيذ هذه الخطوة في المدى القريب أمرًا صعبًا ويثير الشكوك حول النوايا الحقيقية خلف الدعوة.
في المقابل، هناك من يرى أن المجتمع الدولي يضغط لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وأن أي محاولة لتأجيلها قد تواجه رفضًا من الرئاسة والحكومة، لأن ذلك سيضر بمصداقية المؤسسات ويُضعف ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية.
وبالتالي، يبقى السؤال المطروح حول ما إذا كانت الدعوة تهدف فعلاً إلى إصلاح النظام السياسي أم أنها مجرد مناورة سياسية لإعادة ترتيب الأوراق الداخلية بما يخدم مصالح محددة في وقت الأزمة.
الجدل مستمر حول هذه الدعوة، حيث يوازن بعض الأطراف بين الرغبة في الإصلاح الحقيقي وتطبيق النصوص الدستورية وبين المخاوف من استغلال الدعوة سياسياً لتأجيل الاستحقاقات الانتخابية، فيما يصر آخرون على أن النقاش حول إلغاء الطائفية السياسية وإرساء مجلس للشيوخ يجب أن يتم على أسس واضحة ومراحل مدروسة، بما يضمن استمرار الدولة وديمومة المؤسسات، وعدم خلق أزمة جديدة على وقع الاستحقاق الانتخابي.