أحال رئيس الجمهورية المرسوم الخاص بمشروع قانون الموازنة العامة للعام 2026 إلى مجلس النواب، لتبدأ رسمياً رحلة المناقشات تحت قبّة البرلمان، حيث تتجه الأنظار إلى لجنة المال والموازنة واللجان المشتركة التي ستتولى دراسة البنود قبل طرحها على الهيئة العامة، ويُنتظر أن يشهد المشروع نقاشات حادة مع تسجيل العديد من الملاحظات من قبل الخبراء والكتل النيابية، خصوصاً في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان.
التوازن بين الإيرادات والنفقات:
تتضمن الموازنة أرقاماً متوازنة بين الإيرادات والنفقات بقيمة 505 آلاف و720 مليار ليرة لكل منهما، مع تسجيل فائض أولي يقارب 26 ألف مليار ليرة. الهدف الأساسي، وفق خبراء الاقتصاد، هو الوصول إلى صفر عجز في ظل غياب القدرة على الاستدانة من أي مصادر داخلية أو خارجية.
توزيع النفقات والإيرادات:
تُظهر هيكلية المشروع أن 89% من النفقات مخصصة لتغطية الرواتب والأجور وخدمة الدين والإنفاق الجاري، فيما لا تتجاوز النفقات الاستثمارية 11%، ما يثير قلق المراقبين من استمرار غياب المشاريع التنموية، أما من جهة الإيرادات، فـ82% منها ضريبية، مقابل 18% غير ضريبية وتبرز ملاحظة أساسية تتعلق بكون الضرائب على الرواتب والأجور تحقق إيرادات تفوق بكثير تلك المحصّلة من الضرائب على الأرباح ورؤوس الأموال، وهو ما وصفه خبراء بـ"المعادلة المقلوبة".
ملف الاتصالات والأملاك البحرية:
في بند الإيرادات غير الضريبية، يلحظ المشروع ارتفاعاً بنسبة 17% في العائدات المتوقعة من قطاع الاتصالات مقارنة بالعام الماضي، لكن التقديرات تبقى متواضعة عند 482 مليون دولار، قياساً بما كان يحققه القطاع قبل الأزمة (نحو 1.2 مليار دولار) أما عائدات الأملاك البحرية فتراجعت إلى 12 مليون دولار فقط، بعد أن كانت 30 مليون دولار في موازنة 2025، ما يثير علامات استفهام حول ضعف تحصيل الدولة من مواردها.
كتلة الرواتب والضرائب الجديدة:
خصص المشروع نحو 3.7 مليارات دولار للرواتب والأجور والمساعدات الاجتماعية لموظفي القطاع العام، وهو ما قد يساهم في تحريك الاستهلاك الداخلي، لكنه يطرح تساؤلات عن كيفية تأمين التمويل المستدام، كما يتضمن المشروع ضريبة مسبقة بنسبة 3% على الشركات والمؤسسات، وُصفت بأنها محاولة للحد من التهرب الضريبي أكثر من كونها ضريبة جديدة.
ملاحظات صندوق النقد الدولي:
بحسب تقارير اقتصادية، شددت بعثة صندوق النقد الدولي خلال زيارتها الأخيرة إلى لبنان على أن مشروع موازنة 2026 "غير طموح"، معتبرة أن الإيرادات المقدرة غير كافية وأنه كان يجب رفعها لتأمين استقرار مالي أوسع.
استحقاق دستوري:
من المنتظر أن يخضع المشروع لمناقشات تفصيلية في مجلس النواب، وسط توقعات بطرح تعديلات على أكثر من بند، قبل أن يُعرض على الهيئة العامة لإقراره ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي مع نهاية العام، مع احتمال تمديدها شهراً إضافياً حتى كانون الثاني/يناير 2026.