يقف لبنان أمام لحظة مفصلية مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم الاثنين، حيث يُنتظر أن يقدّم الجيش تقريره الأول حول خطة «حصرية السلاح»، بالتوازي مع وصول مساعدات أميركية وُصفت بأنها «الأكبر والأكثر تحديداً» منذ سنوات. هذه التطورات تضع المؤسسة العسكرية في قلب معادلة حساسة: بين ضغوط دولية لإثبات قدرتها على نزع السلاح غير الشرعي، وحسابات داخلية يفرضها حضور «حزب الله» وحلفائه.
الجيش على طاولة الحكومة
وفق قرار مجلس الوزراء الصادر في سبتمبر الماضي، التزمت المؤسسة العسكرية بتقديم تقرير شهري عن تقدّم الخطة. تقرير الاثنين سيكون الأول من نوعه، ويتوقع أن يتضمّن خطوات عملية تتعلق بالانتشار الميداني، وضبط بعض مخازن الأسلحة، وربما عمليات تسليم رمزية من قبل جهات محلية. مشاركة الوزراء الشيعة في الجلسة – بعد مقاطعتهم السابقة – تعكس إدراكاً بأن المسار لن يبقى محصوراً بالجيش، بل قد يتحوّل إلى ملف سياسي واسع يشمل موقع «حزب الله» نفسه في المعادلة اللبنانية.
المساعدات الأميركية.. دعم أم مشروطية سياسية؟
إعلان واشنطن عن تخصيص 193 مليون دولار للجيش و40 مليون دولار لقوى الأمن الداخلي لا يُقرأ فقط كدعم مالي. فالمبلغ، بحجمه ونوعيته، موجّه خصيصاً لمرحلة «نزع السلاح»، مع تجهيزات مرتبطة بمهام تفكيك أنفاق ومخازن سلاح، إضافة إلى معدات مواجهة داخلية. هذا الربط بين الدعم والمهمة يعكس رهانات دولية على الجيش كأداة لتنفيذ بند لطالما عجزت الحكومات المتعاقبة عن تطبيقه.
حسابات الداخل: «حزب الله» في الواجهة
أبعاد الخطة لا تنفصل عن التوازنات الداخلية. فحصر السلاح في يد الدولة يعني عملياً مواجهة مع «حزب الله»، الذي يبرّر احتفاظه بسلاحه بمواجهة إسرائيل. أي محاولة مباشرة لنزع السلاح قد تُدخل لبنان في أزمة سياسية – وربما أمنية – عميقة، ما يضع الجيش بين معادلتين متناقضتين: تنفيذ قرار الحكومة تحت أعين المجتمع الدولي، وتجنّب صدام داخلي قد يهدّد الاستقرار الهش.
التحرّك الأميركي يتقاطع مع رسائل دولية أخرى، أبرزها إعادة انتشار الجيش بالتعاون مع قوات «اليونيفيل» في أكثر من 120 موقعاً جنوبي الليطاني. هذا الانتشار يعيد التذكير بقرار مجلس الأمن 1701 الذي بقي منذ 2006 حبراً على ورق، ويعيد فتح ملف الوصاية الدولية على الأمن اللبناني، بشكل غير مباشر، عبر الدعم المشروط والرقابة الميدانية.
جلسة الاثنين ليست محطة تقنية بل اختبار سياسي شامل. نجاح الجيش في تقديم تقرير يوازن بين طمأنة الداخل واسترضاء الخارج سيكون مفتاح المرحلة المقبلة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في ما إذا كان لبنان قادراً على تحويل «حصرية السلاح» من شعار إلى واقع، من دون أن ينزلق إلى مواجهة داخلية جديدة أو إلى وصاية خارجية مقنّعة.