سوريا تؤسس شركة وطنية جديدة للنفط .. اهداف ودلالات

2025.10.04 - 02:42
Facebook Share
طباعة

 في خطوة لافتة على صعيد إعادة هيكلة قطاع الطاقة، أعلنت الحكومة السورية تأسيس "الشركة السورية للبترول SPC" بمرسوم رئاسي صدر مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لتكون شركة عامة قابضة ذات طابع اقتصادي، مملوكة بالكامل للدولة، وتتخذ من دمشق مقراً لها.

القرار يمنح الشركة الجديدة شخصية اعتبارية واستقلالاً مالياً وإدارياً، ويضعها بديلاً عن المؤسسة العامة للنفط والمؤسسة العامة للتكرير والشركات التابعة لهما، بما يشمل جميع الحقوق والالتزامات والعقود الموقعة. وبهذا التحول، تصبح الشركة الذراع الوطنية الرئيسية لقطاع النفط والغاز في البلاد.


أهداف الشركة الجديدة
تسعى الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى تحديث البنية المؤسسية لقطاع الطاقة وإرساء بيئة استثمارية مرنة وجاذبة، تقوم على الشفافية والحوكمة الرشيدة. كما تهدف الشركة إلى توسيع قدرتها التنافسية إقليمياً ودولياً، والدخول في شراكات مع شركات عالمية لتطوير البنية التحتية للطاقة، وزيادة الإنتاج بما يلبي احتياجات السوق المحلية ويتيح إمكانية التصدير.

ويأتي القرار بعد تصدير سوريا أول شحنة نفط منذ 14 عاماً، ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول مستقبل صادرات الطاقة السورية وإمكانية عودتها تدريجياً إلى الأسواق العالمية.


دلالات القرار
يرى خبراء أن إنشاء الشركة يمثل حلاً عملياً لتجاوز البيروقراطية وتعقيدات الإرث الإداري والقانوني الذي راكمته المؤسسات القديمة، خصوصاً في ما يتعلق بالنزاعات التعاقدية والالتزامات السابقة. كما يتيح تأسيس كيان جديد مساحة أكبر للتفاوض على عقود مستقبلية مع شركات أجنبية وإقليمية، بعيداً عن تبعات العقود السابقة أو القيود المرتبطة بالعقوبات.

ويُتوقع أن تسهّل الشركة الجديدة عملية دمج قطاع النفط مع وزارة الطاقة المستحدثة، التي تضم أيضاً قطاعات الكهرباء والمياه، ما يختصر إجراءات الترخيص والإشراف ويعزز التكامل بين مختلف مجالات الطاقة.


جذب الاستثمارات والتقنيات
تشير المعطيات إلى أن الحكومة تراهن على الشركة الجديدة لتكون واجهة عصرية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، خاصة بعد توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم في مجال الطاقة تجاوزت قيمتها سبعة مليارات دولار مع تحالف يضم شركات أميركية وتركية وقطرية.

وتؤكد هذه الخطوات التوجه نحو الانفتاح على شركات عالمية تمتلك الخبرة والتكنولوجيا، في ظل الحاجة الملحة لتطوير الحقول والمصافي، وإدخال تقنيات حديثة في عمليات الاستكشاف والإنتاج والتكرير.


إعادة تشكيل النفوذ الاقتصادي
من بين أهداف التأسيس أيضاً إعادة هيكلة مراكز النفوذ داخل الاقتصاد السوري. فالمؤسسات السابقة كانت تتوزع بين مهام إشرافية وتشغيلية محدودة، بينما تمنح الصيغة الجديدة الشركة القابضة ولاية أوسع تشمل التشغيل والاستثمار والتسويق، ما يعكس توجهاً لإعادة ضبط إدارة الموارد الطبيعية بما يتوافق مع معايير الحوكمة المطلوبة لجذب رؤوس الأموال.


المناقصات والغاز المنزلي
إلى جانب هذه الخطوة، أعلنت وزارة الطاقة السورية طرح مناقصة دولية جديدة لتوريد نحو 80 ألف طن متري من غاز النفط المسال، المعروف شعبياً باسم "غاز البوتاغاز"، وذلك بهدف تعزيز المخزون المحلي وضمان تزويد السوق بالغاز المنزلي خلال الأشهر المقبلة.

المناقصة تنص على توريد الكميات على أربع دفعات شهرية بين نوفمبر/تشرين الثاني 2025 ويناير/كانون الثاني 2026، مع تحديد نسب البروبان والبيوتان وفق مواصفات فنية دقيقة، بما يضمن مطابقة الغاز المستورد للمعايير الدولية.

وتشدد الوزارة على أن الهدف من هذه الخطوة هو تأمين استقرار السوق المحلية ومنع حدوث فجوات في الإمدادات، خاصة مع ارتفاع الطلب خلال فصل الشتاء، وتثبيت الأسعار في ظل الضغوط الاقتصادية التي تمر بها البلاد.


ما هو غاز النفط المسال؟
غاز النفط المسال يتكون من مزيج أساسه البروبان والبيوتان، ويستخرج من تكرير النفط الخام أو من معالجة سوائل الغاز الطبيعي. يُخزن وينقل في حالة سائلة بعد الضغط والتبريد، ويُستخدم أساساً في الطهي والتدفئة، إضافة إلى استعمالات صناعية وبتروكيماوية.

يمثل الغاز المنزلي أحد أهم مصادر الطاقة للأسر السورية، خاصة في المناطق الريفية، فيما تعتمد عليه دول كبرى كمادة أساسية في صناعاتها. ويمتاز بانبعاثات أقل من الوقود السائل، ما يجعله خياراً أكثر ملاءمة بيئياً.


نحو مرحلة جديدة
يضع تأسيس "الشركة السورية للبترول" البلاد أمام مرحلة جديدة في إدارة قطاع الطاقة، تقوم على إعادة بناء المؤسسات وتعزيز الشفافية والسعي إلى شراكات دولية أوسع. ومع طرح المناقصات الجديدة لتأمين احتياجات السوق المحلي، يبدو أن دمشق تسعى إلى الجمع بين تحقيق الاكتفاء الذاتي وفتح الباب أمام عودة تدريجية إلى أسواق الطاقة العالمية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 3