شهد الجنوب السوري، صباح السبت 4 تشرين الأول/أكتوبر، توغلاً جديداً للجيش الإسرائيلي داخل أراضي ريف درعا الغربي، أسفر عن اعتقال أربعة شبان من قرية جملة، قبل أن تعود القوة المنفذة إلى مواقعها قرب الحدود.
وبحسب ما أفادت مصادر محلية، فقد دخلت قوة إسرائيلية خاصة إلى القرية، حيث أقامت حاجزاً مؤقتاً على مدخلها، ثم قامت بعمليات تفتيش وتدقيق في هويات السكان، قبل أن تعتقل أربعة شبان وتنقلهم إلى منطقة الجزيرة غربي بلدة معرية، ضمن الشريط الحدودي المحاذي للجولان المحتل.
توغلات متكررة
لم يكن هذا التوغل الأول من نوعه خلال الفترة الأخيرة. ففي 30 أيلول/سبتمبر الماضي، أقامت القوات الإسرائيلية حاجزاً عسكرياً مدعوماً بخمس مركبات في أطراف قرية عابدين بمنطقة حوض اليرموك، حيث نفذت عملية تفتيش مشابهة ترافقت مع تحليق مكثف للطائرات المسيرة في الأجواء.
وتشير التطورات الأخيرة إلى تصاعد ملحوظ في وتيرة التحركات الإسرائيلية جنوب سوريا، مع تسجيل أربع عمليات توغل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية فقط، في ظل استنفار أمني مكثف وانتشار طائرات استطلاع في سماء المنطقة بشكل شبه يومي.
تفاصيل العمليات الأخيرة
خلال الساعات الماضية، تنوعت العمليات الإسرائيلية بين درعا والقنيطرة، وشملت اعتقالات، تفتيش، ونشر حواجز مؤقتة:
درعا – حوض اليرموك: اقتحمت قوة خاصة قرية جملة ليلاً وانتشرت في شوارعها لنحو ساعة، حيث اعتقلت ثلاثة شبان، وسط تحليق طائرات استطلاع وانسحاب ست آليات عسكرية لاحقاً باتجاه الجولان المحتل.
القنيطرة – قريتا عين زيوان وعين العبد: دخلت دوريات إسرائيلية إلى عدد من المنازل ونفذت عمليات تفتيش بعد توغل محدود لآليات عسكرية، مما أدى إلى استنفار أمني واسع في محيط القريتين المتاخمتين للشريط الحدودي.
القنيطرة – بلدة كودنة: توغلت ثلاث آليات عسكرية إسرائيلية بالتزامن مع تحليق مكثف للطائرات الاستطلاعية. وخلال العملية، أطلقت القوات النار على شابين قرب تل أحمر الشرقي، من دون أن تسجل إصابات.
القنيطرة – عين زيوان (عملية ثانية): جددت القوات الإسرائيلية دخولها إلى القرية بخمس آليات عسكرية وعدد من الجنود، ما أثار مخاوف الأهالي من تحول التوغلات المتكررة إلى مشهد يومي في المنطقة.
أبعاد التصعيد
هذه العمليات، وفق متابعين، تعكس نهجاً متزايداً للجيش الإسرائيلي في اعتماد توغلات محدودة داخل الأراضي السورية، تجاوزاً لخط وقف إطلاق النار والشريط الحدودي. وتبرر إسرائيل تحركاتها عادة بالبحث عن أسلحة أو ملاحقة مجموعات مرتبطة بجهات خارجية، بينما تعتبر دمشق هذه الأفعال "انتهاكات متكررة للسيادة السورية".
المراقبون يربطون هذا التصعيد بالتحولات الأمنية في الجنوب السوري، حيث تشهد المنطقة نشاطاً لعناصر مسلحة مختلفة، إلى جانب وجود خلايا محلية يُعتقد أنها مرتبطة بجهات إقليمية. ويأتي ذلك في وقت يتصاعد فيه التوتر على الحدود السورية–الإسرائيلية، وسط قلق متزايد لدى السكان من تكرار الاعتقالات وعمليات التفتيش.
تحليق واستنفار أمني
إلى جانب التوغلات البرية، رُصد خلال الأيام الأخيرة تحليق شبه يومي للطائرات الاستطلاعية والمسيّرة الإسرائيلية فوق ريفَي درعا والقنيطرة. ويرى سكان محليون أن هذه التحركات الجوية ترافق عادة عمليات التوغل البري، لتأمين تغطية استخباراتية وميدانية للقوات المشاركة.
كما يشهد الجنوب السوري حالة من الاستنفار الأمني، إذ تتخذ القوات الإسرائيلية إجراءات احترازية على طول خط وقف إطلاق النار، بالتزامن مع تعزيز مواقعها في الجولان المحتل.
مخاوف محلية
بالنسبة للأهالي، يشكل استمرار التوغلات الإسرائيلية مصدر قلق متزايد. فإلى جانب الاعتقالات والعمليات الميدانية، يخشى السكان من انعكاسات أمنية ومعيشية على حياتهم اليومية، خصوصاً في القرى القريبة من الحدود. بعض العائلات أعربت عن مخاوفها من استهداف المدنيين أو تعرض مناطقهم لإطلاق نار عشوائي خلال التوغلات.
غياب رادع فعلي
تثير هذه التطورات تساؤلات حول غياب أي رادع حقيقي يحد من التوغلات الإسرائيلية جنوب سوريا. ورغم تنديد متكرر من دمشق بما تصفه بـ"الاعتداءات المتكررة"، إلا أن العمليات العسكرية الإسرائيلية لم تتوقف، بل شهدت تصاعداً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.
ويرى محللون أن استمرار هذه التحركات قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من التوتر الأمني في الجنوب السوري، خصوصاً مع تزايد النشاط العسكري الإسرائيلي وتعدد أشكاله بين المداهمات والاعتقالات والتحليق الاستطلاعي.