دخل المرشحون لانتخابات مجلس الشعب في سوريا، اليوم السبت 4 تشرين الأول/أكتوبر، مرحلة الصمت الانتخابي التي تستمر ليوم واحد فقط، وذلك قبل يوم الاقتراع المحدد في 5 من الشهر نفسه. تأتي هذه المرحلة وفق القرار رقم 62 لعام 2025 الصادر عن اللجنة العليا للانتخابات، والتي أوضحت أن الصمت الانتخابي يهدف إلى منح الناخبين فرصة للتفكير في خياراتهم بعيداً عن المؤثرات الدعائية المباشرة.
وكانت الحملة الانتخابية قد انطلقت في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، عبر جلسات تعريفية بين المرشحين والهيئات الناخبة، تضمنت عرض البرامج الانتخابية والسير الذاتية ورؤى المرشحين للمرحلة المقبلة. هذه الجلسات انتهت مساء أمس الجمعة، على أن تبدأ اليوم فترة الصمت الانتخابي، قبل فتح مراكز الاقتراع صباح الأحد.
الاقتراع وآليات الفرز
بحسب ما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات، ستفتح صناديق الاقتراع عند التاسعة صباحاً من يوم الأحد، على أن تستمر العملية لثلاث ساعات، مع إمكانية التمديد في حال وجود ناخبين بانتظار دورهم. التصويت سيكون سرياً، فيما يجري فرز الأصوات بشكل علني بحضور وسائل الإعلام، وتُنشر النتائج الأولية مباشرة، بينما تُعلن النتائج الرسمية في مؤتمر صحفي لاحقاً.
ويتيح النظام الانتخابي للمرشحين أو الناخبين تقديم طعون على النتائج خلال ثلاثة أيام من إعلانها، ليبت بها خلال خمسة أيام، قبل إصدار النتائج النهائية. عقب ذلك، ترفع اللجنة العليا أسماء الفائزين إلى رئاسة الجمهورية، ليصدر الرئيس مرسوماً بتعيين أعضاء المجلس المنتخبين إلى جانب الثلث الآخر من الأعضاء الذين يعيَّنون مباشرة من قبل الرئاسة.
تركيبة المجلس
يبلغ عدد مقاعد مجلس الشعب 210، يُنتخب 70% منها عبر اقتراع الهيئات الناخبة، فيما يعيَّن الرئيس 30% لضمان ما تعتبره السلطات “عدالة التمثيل” وإدخال الكفاءات العلمية والعملية إلى المجلس. بعد إصدار المرسوم الرئاسي، يعقد المجلس جلسته الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سناً، فيما يتولى أصغر الأعضاء مهمة أمانة السر. خلال الجلسة، يُنتخب رئيس المجلس ونائباه وأمين السر بالاقتراع السري وبالأغلبية. في الجلسة التالية، يؤدي الأعضاء القسم أمام الرئيس وفق المادة 27 من الإعلان الدستوري.
جدل حول القوائم
العملية الانتخابية لم تخلُ من الجدل، إذ شهدت بعض المناطق اعتراضات على استبعاد أسماء من القوائم النهائية للهيئات الناخبة. في مدينة سقبا بريف دمشق، هدد مجلس الأعيان بمقاطعة العملية بعد استبعاد عضوين من القوائم، قبل أن تُسوّى القضية عبر لقاء مع اللجنة العليا للانتخابات.
اللجنة أوضحت أن التعديلات على القوائم لا تعني الطعن في الأشخاص أو في كفاءتهم، بل تهدف إلى ضمان تمثيل جغرافي وشرائحي متوازن. كما أكدت أن أي شخص يثبت ارتباطه بالنظام السابق سيتم استبعاده حتى لو فاز بالانتخابات.
الأرقام والمرشحين
بلغ عدد المرشحين النهائيين 1578 مرشحاً، بينهم 14% من النساء، مع تباين نسب المشاركة النسائية بين المحافظات. وتشير البيانات الرسمية إلى أن هذا العدد يتنافس على ثلثي مقاعد المجلس، فيما يسد التعيين الرئاسي ما قد يطرأ من ثغرات أو نقص في التمثيل.
مدونة السلوك الانتخابي
أصدرت اللجنة العليا للانتخابات مدونة سلوك للمرشحين في 27 أيلول/سبتمبر، هدفت إلى تنظيم العملية وضمان نزاهتها. تضمنت المدونة سبعة بنود أساسية، أبرزها الالتزام بالقوانين واللوائح الانتخابية، تجنب استخدام الموارد العامة أو النفوذ لتحقيق مكاسب انتخابية، تقديم البرامج بوضوح دون وعود غير واقعية، احترام المنافسة العادلة وعدم اللجوء إلى التشهير أو الخطاب التحريضي، إضافة إلى تعزيز قيم الوحدة الوطنية.
كما شددت المدونة على التزام المرشحين بعدم تقديم مكافآت مالية أو هدايا للناخبين، واحترام قرارات اللجنة العليا والجهات المشرفة على العملية الانتخابية. في حال تسجيل أي مخالفات، يحال الأمر إلى الجهات المختصة لتطبيق العقوبات القانونية.
دعم إقليمي
على الصعيد الخارجي، أعربت الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن عن استعدادها لدعم سوريا في تنظيم العملية الانتخابية المقبلة. رئيس الهيئة، موسى المعايطة، أكد أن بلاده مستعدة لتقديم كل أشكال المساندة، معتبراً أن هذه الانتخابات تمثل محطة أساسية في مسيرة الاستقرار الوطني السوري. جاء ذلك خلال لقاء في عمّان جمع المعايطة برئيس اللجنة العليا للانتخابات السورية، محمد طه الأحمد، على هامش فعالية إقليمية حول التحول الرقمي في إدارة الانتخابات.
التحضيرات شبه مكتملة
من جهته، كشف رئيس اللجنة العليا أن التحضيرات لإجراء الانتخابات قد شارفت على الاكتمال، مشيراً إلى أن بعض المقاعد في محافظات مثل السويداء والحسكة والرقة أُرجئ شَغلها إلى حين تهيئة الظروف الأمنية المناسبة.
ومع اكتمال الاستعدادات، يترقب الشارع السوري يوم الاقتراع، وسط آمال بأن تعكس العملية الانتخابية، بما تتضمنه من صمت انتخابي ومدونات سلوك، خطوة نحو تعزيز التمثيل البرلماني وترسيخ الاستقرار السياسي في البلاد.