لا تزال محافظة دير الزور تواجه تحديات كبيرة ومتعددة في مختلف القطاعات، وسط غياب خطوات إصلاحية ملموسة تلامس حياة المواطنين اليومية. إذ يشهد السكان تراجعًا مستمرًا في الخدمات الأساسية، من الصحة والتعليم إلى البنية التحتية والأمن، في وقت يزداد فيه انتشار الفساد داخل المؤسسات المحلية، ما يؤدي إلى ضعف الأداء الحكومي وارتفاع مستوى الإحباط لدى المواطنين.
تشير المؤشرات إلى أن المحافظة لا تزال تعاني من غياب خطط تنموية فعّالة، مع تكرار مظاهر الفوضى التي تهدد استقرار المنطقة وسلامة السكان. الطرقات المتهالكة والمرافق العامة غير المؤهلة، ومرافق المياه والكهرباء غير الكافية، تشكل صورة عامة عن تردي الوضع الخدمي. إضافة إلى ذلك، يعاني القطاع الاقتصادي من ركود واضح، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وندرة فرص العمل، مما يزيد من هشاشة الأهالي اقتصاديًا ويحد من قدرتهم على مواجهة التحديات اليومية.
تراجع الخدمات الصحية والتعليمية
القطاع الصحي في دير الزور يشهد تراجعًا ملحوظًا في مستوى الرعاية الطبية، نتيجة نقص الكوادر الطبية والتجهيزات في المشافي والمراكز الصحية. الوضع يجعل المواطنين أمام خيارات صعبة في الحصول على العلاج، خصوصًا في حالات الأمراض المزمنة والحالات الطارئة، ما يضطر العديد منهم للسفر إلى محافظات أخرى لتلقي الخدمات الضرورية.
القطاع التعليمي ليس بأفضل حال، إذ تعاني المدارس من نقص المعلمين والأدوات التعليمية، ما يؤثر سلبًا على جودة التعليم ويزيد من فجوة التحصيل بين الطلاب في دير الزور وبقية المحافظات. ضعف الرقابة الإدارية وسوء التخطيط يفاقم من التحديات، ويجعل الطلاب والأهالي يشعرون بالإحباط من غياب أي تطوير حقيقي في العملية التعليمية.
أمن هش وانتشار الفوضى
الوضع الأمني في المحافظة يعكس هشاشة الإدارة المحلية، حيث تشير التقديرات إلى أن معدلات الفوضى تتزايد في مناطق متعددة، وسط تراجع فعالية الأجهزة الرقابية. ضعف التنسيق بين الجهات الأمنية ونقص الموارد البشرية واللوجستية يزيد من صعوبة ضبط الأوضاع، ما يعمّق شعور السكان بعدم الأمان ويحد من قدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية بحرية.
أزمة المازوت وتداعيات الشتاء
مع اقتراب فصل الشتاء، برزت أزمة المازوت كأحد أبرز التحديات اليومية، إذ ارتفعت أسعار المادة في الأسواق بشكل كبير، ووصل سعر اللتر في ريف دير الزور الغربي إلى مستويات مرتفعة، مقارنة بالسعر الرسمي في المحطات المرخصة. هذا الفارق الكبير يضع الأسر محدودة الدخل أمام خيارات صعبة لتأمين التدفئة والوقود الضروري للطبخ والتدفئة، في ظل غياب آليات توزيع فعّالة لضمان وصول الوقود المدعوم إلى المستحقين.
انخفاض القدرة الشرائية للأهالي وارتفاع تكاليف المعيشة يزيدان من الضغط على الأسر، ويضاعف المخاوف مع اقتراب البرد القارس، ما يجعل قضية المازوت أزمة اجتماعية وإنسانية لا يمكن تجاهلها.
دعوات للإصلاح والتنمية
تشير الوقائع إلى أن محافظة دير الزور بحاجة ماسة إلى إصلاحات شاملة تشمل تحسين الخدمات الأساسية، إعادة تأهيل البنية التحتية، تطوير القطاعات الصحية والتعليمية، وضمان توزيع المواد الأساسية بشكل عادل وشفاف. كما يطالب السكان بتعزيز الرقابة على المؤسسات، ومكافحة الفساد، وتطوير أجهزة الأمن لضمان استقرار وحماية حياة المواطنين.
بين تدهور الخدمات الأساسية، وانتشار الفوضى، واستفحال الأزمة الاقتصادية، تبدو دير الزور مدينة غارقة في تحديات مستمرة. ومع اقتراب فصل الشتاء، يزداد الضغط على الأهالي الذين يحتاجون إلى خطوات عاجلة وملموسة من الجهات المسؤولة لضمان حياة كريمة، وتأمين التدفئة والخدمات الأساسية، وإعادة الأمل في إمكانية العيش في بيئة مستقرة وآمنة.