عاد ملف اللاجئين السوريين في لبنان ليتصدر الواجهة السياسية والدبلوماسية، مع تزايد الضغط الداخلي والخارجي لإنهاء حالة النزوح الممتدة منذ أكثر من عقد. وفي خطوة لافتة، أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه للموقف اللبناني القائم على ضرورة تسريع عودة اللاجئين إلى سوريا، بعد المتغيرات الجذرية التي شهدتها البلاد عقب سقوط النظام السوري السابق.
خلال لقائها وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجّي، أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي في بيروت، ساندرا دو وال، أن الاتحاد يواكب عمليات العودة الطوعية التي بدأت من لبنان، وأن لديه "حوافز ملموسة" لتشجيع السوريين على العودة إلى بلادهم. وأضافت أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاونًا أوسع مع السلطات اللبنانية لتعزيز هذه العملية.
بدوره، شدّد الوزير رجّي على أولوية أن تُوجّه المساعدات الدولية إلى الداخل السوري بدلاً من الاستمرار في دعم وجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية، معتبراً أن هذا التحول كفيل بتشجيع المزيد منهم على العودة، خصوصاً في ظل تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يبلغ قرابة مليوني شخص، ما يشكّل عبئًا متزايدًا على البنية الاقتصادية والاجتماعية الهشة للبلاد. ومع تراجع أعداد النازحين في الفترة الأخيرة، تتجه الحكومة اللبنانية إلى اعتماد إجراءات جديدة، أبرزها إسقاط صفة "نازح" عن السوريين المقيمين في لبنان، بحجة زوال الأسباب التي كانت تمنحهم هذا الوضع القانوني.
من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة الشهر الماضي أن نحو مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ سقوط النظام السابق، وسط توقعات بزيادة وتيرة العودة خلال الأشهر المقبلة. وأكد نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، أن السلطات بصدد اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لضبط الحدود والحد من عمليات الدخول غير الشرعي. كما كشف عن خطط وزارة العمل لتقييد منح إجازات العمل ابتداءً من العام الجديد، بما ينسجم مع إعادة تنظيم الوجود السوري في لبنان بصورة قانونية ومنضبطة.
يمثل موقف الاتحاد الأوروبي الداعم للبنان نقطة تحول في التعاطي الدولي مع ملف اللاجئين السوريين، بعد سنوات من التباين بين المطالب اللبنانية والاعتبارات الإنسانية الأوروبية. ومع دخول الملف مرحلة جديدة عقب التحولات السياسية في دمشق، تبدو بيروت مقبلة على مرحلة إعادة صياغة علاقتها باللاجئين السوريين، في ظل موازنة دقيقة بين الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، وبين التزاماتها تجاه القوانين والمعايير الدولية الخاصة باللاجئين.