تشير التطورات الأخيرة إلى فتح دعاوى قضائية ضد مجلس الإنماء والإعمار ورئيسه السابق وبعض المتعهدين، تتعلق بهدر المال العام في مشاريع الصرف الصحي، الملف بدأ بعد إخبار قدمته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، الذي ركز على محطتي تمنين والمرج في البقاع، حيث التمويل متوفر لكن التنفيذ متوقف، ما يعرض البيئة وصحة السكان للخطر.
فساد وتخطيط ضعيف:
كشف تقرير ديوان المحاسبة أن أكثر من مليار دولار أنفقت على محطات وشبكات صرف صحي خارج الخدمة أو تعمل جزئياً. بعض المحطات أنجزت دون شبكات ربط، وشبكات أقيمت في مناطق بلا محطات، كما افتقرت بعض المحطات إلى أحواض معالجة أولية، أو أُقيمت في مواقع غير ضرورية، بينما تواجه محطات أخرى ضغطاً يفوق قدرتها، هذه الأخطاء أدت إلى استمرار تدفق مياه ملوثة في مجاري الأنهار، بما فيها نهر الليطاني، وصولاً إلى البحر، ما أثر على 50 ألف مقيم في حوض الليطاني وأراضٍ زراعية واسعة.
أسلوب المناقصات والتحايل:
وفق التقرير تعتمد بعض المناقصات أسلوب تحايلي: يقدم المتعهد سعراً منخفضاً لأحد البندين (شبكات أو محطات) وسعراً حقيقياً للبند الآخر، فينفذ الجزء الذي قدّم له السعر الحقيقي ويطالب لاحقاً بفروقات أو تعديلات، ما يؤدي إلى مشاريع مبتورة. وتضاف إليها تعديلات مستمرة على المواصفات بذريعة أن دفتر الشروط يمنح المتعهد حق التصميم، ما يزيد التأخير ويهدد تحقيق الأهداف.
امتداد الظاهرة إلى مشاريع أخرى:
الممارسات الاحتيالية لم تقتصر على الصرف الصحي، بل تشمل مشاريع الطرقات أيضاً، حيث تُخفض أسعار بنود السلامة العامة ويُنفذ المتعهد ما يناسبه، بينما تُغفل البنود الأخرى.
يفرض ذلك تعزيز الرقابة من هيئة الشراء العام ومفوض الحكومة، وتدريب الإدارة وديوان المحاسبة على قواعد الشراء الدولي لضمان استغلال التمويل بكفاءة.
التداعيات على المواطنين:
ضعف التخطيط والرقابة جعل المواطن يدفع ثمن الفشل المؤسسي، إذ لا تصل المشاريع إلى الخدمة الفعلية، وتتواصل مشاكل الصحة العامة بسبب مياه ملوثة، مع تعطيل حقوق السكان في البنية التحتية الأساسية.