قطاع الدواجن اللبناني يواجه أزمة حقيقية تهدد الإنتاج الوطني ومستقبل العاملين فيه. الأزمة تتجسد في منافسة شرسة من المنتجات الأجنبية، خاصة الدجاج المجمد المستورد من دول مثل تركيا والبرازيل، والتي يتم إدخالها إلى السوق اللبنانية أحياناً عبر دول عربية دون دفع الرسوم الجمركية المستحقة، ما يجعلها أرخص بكثير من الدجاج المحلي، هذه الممارسات تؤثر على قدرة المنتج اللبناني على المنافسة، وتضغط على المصانع لتقليص الإنتاج وطرد الموظفين.
من الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة، بحسب رئيس النقابة اللبنانية للدواجن، وليم بطرس، تراجع الدول العربية عن استيراد الدجاج اللبناني، مثل العراق الذي منع استيراد منتجات الفروج من لبنان منذ أيلول الماضي، وذلك لحماية إنتاجه المحلي، كما أن فتح إجازات الاستيراد من بعض الدول العربية أدى إلى دخول منتجات مصنعة بأسعار منخفضة، مثل "كريسبي" و"ناغتس"، على أنها منتجات عربية المنشأ، بينما هي في الأصل مستوردة من دول خارجية، ما يشكل نوعاً من التهرّب الضريبي ويضع المنتج اللبناني في موقف ضعيف أمام المستهلك.
تفاقم المشكلة بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج المحلي مقابل انخفاض أسعار المنتجات الأجنبية، إضافة إلى ضعف القدرة على التصدير، فالأسواق العربية مغلقة أمام المنتجات اللبنانية، والصين ليست بحاجة إليها، بينما المنافسة في السوق المحلية تحت وطأة المضاربة الأجنبية تجعل من الصعب على المنتج اللبناني تصريف إنتاجه. هذا الوضع يهدد استمرار المصانع ويدفعها نحو خفض الإنتاج وتسريح الموظفين، ما يزيد من حجم المشكلة الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالقطاع.
في المقابل، يرى المختصون أن الحلول ممكنة عبر إجراءات واضحة من الدولة، ففرض جمارك على المنتجات الأجنبية المستوردة من دون دفع الرسوم، والحد من منح إجازات الاستيراد، إلى جانب إيجاد سبل لتصدير الإنتاج المحلي، كلها خطوات من شأنها حماية القطاع.
كما أن دعم الإنتاج المحلي من خلال حماية الأسعار وتشجيع المستهلكين على شراء الدجاج اللبناني يساهم في إعادة التوازن للسوق.
النائب بلال عبد الله، رئيس لجنة الصحة النيابية، نبه إلى خطورة الوضع من زاوية حماية الإنتاج الوطني، داعياً الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع إغراق السوق بالمنتجات الأجنبية، وتأمين منافسة عادلة للمنتج اللبناني. ويشير عبد الله إلى أن حماية الإنتاج المحلي أمر أساسي لضمان استمرارية الصناعة الوطنية والحفاظ على آلاف فرص العمل المرتبطة بقطاع الدواجن، وهو ما يفرض وضع سياسات واضحة تتوافق مع مصلحة الاقتصاد والمواطن في لبنان.