يتجدد النقاش حول قانون الانتخاب في لبنان مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي، حيث فتح باب تسجيل المغتربين حتى 20 تشرين الثاني 2025 أعاد الجدل إلى الواجهة، خصوصاً لجهة المقاعد الستة المخصصة للانتشار وغياب المراسيم التطبيقية المرتبطة بها. هذه الثغرة القانونية أطلقت سجالاً سياسياً واسعاً، بين من يطالب بإجراء الانتخابات في موعدها مهما كانت العقبات، ومن يرى أن التعقيدات قد تُستخدم كذريعة لتأجيل الاستحقاق.
أمام هذا الواقع، تطرح عدة سيناريوهات محتملة: المضي بالانتخابات في موعدها عبر معالجة الثغرات بتشريعات أو مراسيم سريعة، أو الالتفاف على النصوص والاكتفاء بمشاركة المغتربين في دوائرهم الأصلية كما حصل سابقاً، أو تعديل القانون في اللحظة الأخيرة بما يفتح الباب أمام تساؤلات حول نزاهة العملية، وصولاً إلى خيار التأجيل وتمديد ولاية المجلس الحالي بذريعة غياب الجهوزية.
النقاش حول القوانين الانتخابية ليس جديداً في لبنان. فمنذ التسعينيات وحتى اليوم، تراوحت التجارب بين اعتماد النظام الأكثري ثم إدخال تعديلات متتالية وصولاً إلى اعتماد النسبية في انتخابات 2018. لكن غياب التوافق الدائم جعل القانون مادة خلافية بامتياز. ففي العام 2013، تعذر الاتفاق على قانون جديد، ما أدى إلى تمديد ولاية مجلس النواب أكثر من مرة، قبل العودة إلى صناديق الاقتراع بعد خمس سنوات.
أما في ما يتعلق باقتراع المغتربين، فقد شارك المنتشرون في انتخابات 2018 و2022، لكنهم اقترعوا ضمن دوائرهم الأم داخل لبنان من دون تخصيص مقاعد مستقلة، رغم أن النص القانوني كان يشير إلى ذلك. ومع دخول المادة 113 حيّز التنفيذ، بات من الصعب تجاوزها من دون تعديل أو مراسيم تطبيقية واضحة.
إلى جانب هذه الإشكاليات الداخلية، يشكل الضغط الدولي عاملاً إضافياً. فالمجتمع الدولي يعتبر الانتخابات محطة أساسية لقياس مدى التزام لبنان بالدستور واستمرارية مؤسساته. أي تأجيل جديد سيُقرأ في الداخل والخارج على أنه مؤشّر أزمة أعمق في النظام السياسي.
ما بين نصوص غير مكتملة وتجاذبات سياسية متواصلة، تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة لتحديد مصير الانتخابات. فإما تُعالج الثغرات سريعاً ويُحترم الموعد الدستوري، أو يدخل البلد في سيناريو التأجيل، حيث تعود تجربة التمديد لتخييم مجدداً على الحياة السياسية اللبنانية.