أثار قرار صادر عن وزارة الإدارة المحلية والبيئة في سوريا يقضي بإنهاء خدمة 78 موظفاً في بلدية مدينة اللاذقية جدلاً واسعاً بين الأوساط الوظيفية والشعبية، خصوصاً أن غالبية المفصولين ينتمون إلى الطائفة العلوية، ما أضاف إلى القرار أبعاداً اجتماعية وسياسية حساسة.
وبحسب نص القرار، فقد انتهت عقود هؤلاء الموظفين اعتباراً من تاريخ 30 أيلول، دون أن يترافق ذلك مع إجراءات تمهيدية أو إشعارات مسبقة، الأمر الذي أثار استياء المفصولين الذين اعتبروا الخطوة "تعسفية وغير عادلة".
صدمة بين الموظفين
الموظفون الذين شملهم القرار أكدوا أن سنوات خدمتهم الطويلة لم تُحتسب عند اتخاذ الإجراء، وأن قرار الفصل جاء في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة معيشية خانقة، ما يضاعف من معاناتهم وأسرهم.
وقال عدد منهم إنهم فوجئوا بإيقاف رواتبهم بشكل كامل، ما تركهم بلا أي مصدر دخل، في ظل غياب البدائل وفرص العمل. وأشاروا إلى أن الاستقرار الوظيفي حق مشروع لهم، وأن إنهاء خدماتهم بشكل جماعي يهدد أمنهم الاجتماعي والاقتصادي.
احتجاجات سابقة
تجدر الإشارة إلى أن محافظة اللاذقية شهدت في 22 حزيران الماضي وقفة احتجاجية نظّمها موظفون تم فصلهم من مديرية الخدمات الفنية، حيث اعترضوا على ما وصفوه بـ"الفصل الشفهي"، إذ أوقف صرف رواتبهم دون أن يتسلموا أي قرار رسمي أو إشعار خطي.
وقال المحتجون حينها إن غياب المستندات الرسمية حال دون قدرتهم على متابعة حقوقهم أو الاستفادة من التأمينات الاجتماعية، مطالبين بفتح تحقيق شفاف في ظروف القرار، وإعادتهم إلى وظائفهم.
مخاوف من تداعيات اقتصادية واجتماعية
قرار الفصل الأخير أعاد إلى الواجهة قضية الأمان الوظيفي في القطاع العام، إذ يخشى مراقبون أن تساهم مثل هذه الخطوات في زيادة حالة القلق وعدم اليقين بين الموظفين، خاصة في وقت يرزح فيه معظم السوريين تحت ضغوط اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة.
ويرى عاملون في البلدية أن فقدان عشرات العائلات لمورد رزقها بشكل مفاجئ سيؤدي إلى نتائج سلبية على الوضع الاجتماعي، وربما يزيد من معدلات الفقر والبطالة، فضلاً عن انعكاساته على الاستقرار المحلي في المدينة.
كما حذر آخرون من أن هذه الإجراءات قد تؤثر على جودة الخدمات العامة التي تقدمها البلديات، مع النقص في الكوادر البشرية والخبرات المتراكمة التي تم الاستغناء عنها.
أصوات حقوقية وإدارية
خبراء في الشأن الإداري أشاروا إلى أن أي قرار يتعلق بإنهاء خدمة موظفين يجب أن يتم وفق أسس قانونية واضحة، مع مراعاة سنوات الخدمة والحقوق المكتسبة، وإلا فإنه قد يفتح الباب أمام اتهامات بالتعسف أو المحاباة.
وأكد بعض الحقوقيين أن القرارات التي تصدر خارج الأطر القانونية أو دون تعويض عادل تضعف ثقة العاملين بالمؤسسات العامة، وتزيد من شعورهم بعدم الأمان.
في المقابل، لم يصدر تعليق رسمي مفصل من وزارة الإدارة المحلية والبيئة يوضح أسباب اتخاذ القرار بحق موظفي بلدية اللاذقية، الأمر الذي ترك المجال مفتوحاً أمام التأويلات والشكوك.
دعوات للمراجعة
الموظفون المفصولون يواصلون المطالبة بإعادة النظر في القرار، داعين الجهات المعنية إلى فتح باب الحوار والتوصل إلى حلول تراعي ظروفهم المعيشية وحقوقهم الوظيفية. كما شددوا على أهمية تعويضهم بشكل عادل في حال لم يكن هناك مجال لإعادتهم إلى وظائفهم.
ويرى مراقبون أن معالجة مثل هذه القضايا تتطلب شفافية ومحاسبة إدارية واضحة، بما يعيد الثقة بين الموظفين والدولة، ويضمن استمرارية العمل المؤسسي بعيداً عن أجواء التوتر والاحتقان.